السبت، 14 أبريل 2012

  
               البحث العلمي في الجامعات


تحتاج مشاريع التنمية الاقتصادية ، والاجتماعية في هذه الفترة التي تشهد تحولاً كبيراً في درجة التنويع الاقتصادي والنمو المطرد السريع إلى رأس مال بشري يقود عمليات التنمية ، ذلك التقدم الاقتصادي والاجتماعي لايمكن أن يتحقق بدون توفر القوى العاملة المؤهلة والمتخصصة والتي تستطيع القيام بعمليات التخطيط والتنفيذ لبرامج التنمية ، أي أن قطاعات التنمية تحتاج إلى المهندسين والتقنيين والفنيين والإداريين الذين لديهم الإعداد اللازم المطلوب من التعليم والتدريب والخبرة في مختلف مجالات التنمية ، وتقوم رسالة الجامعات في العصر الحاضر بدور بالغ الأهمية في حياة الأمم والشعوب على اختلاف مراحل تطورها الاقتصادي والاجتماعي ، إذ لم تعد مقتصرة على الأهداف التقليدية من حيث البحث عن المعرفة والقيام بالتدريس ، بل امتدت الرسالة لتشمل كل نواحي الحياة العلمية والتقنية والتكنولوجية ، الأمر الذي جعل من أهم واجبات الجامعات المعاصرة هو أن تتفاعل مع المجتمع لبحث حاجاته وتوفير متطلباته ، وإن من ضمن أهم متطلبات المجتمع هو الوصول إلى مراتب عالية في ابتكار التقانات المتقدمة والتقدم التقني والتكنولوجي والوعي الاجتماعي ، ولايتم ذلك إلا بتفعيل رسالة الجامعات في تنشيط حركة البحث العلمي ، وفتح قنوات التعاون والتنسيق والاتصال بين الجامعات وقطاعات التنمية المختلفة ، وتكمن مشكلة البحث في أن بعض الأبحاث العلمية لطلاب الدراسات العليا في الجامعات تتسم بالتقليدية والمحاكاة دون اللجوء إلى الإبداع والابتكار والاهتمام المباشر بقضايا التنمية ، الأمر الذي أدى إلى عزل الجامعات عن محيط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، من هذا المنطلق يهدف البحث إلى : إبراز سبل النهوض بالبحث العلمي في الدراسات العليا في الجامعات لتلبية متطلبات التنمية ، وتوضيح معوقات البحث العلمي في الدراسات العليا ، وتحديد العراقيل التي تحول دون نسج روابط مثمرة وهادفة بين أبحاث الدراسات العليا وقطاعات التنمية الحكومية والخاصة ، وإبراز سبل التخلص من معوقات البحث العلمي في الدراسات العليا لتحقيق التنمية ، وتحديد السبل الكفيلة بربط البحث العلمي في الدراسات العليا في الجامعات بمتطلبات التنمية ، واقتراح استراتيجيات فاعلة لكيفية التنسيق بين أقسام الدراسات العليا في الجامعات وقطاعات التنمية المختلفة .
ولقد أسفرت نتائج البحث بأنه توجد  معوقات لتنشيط حركة البحث العلمي الجامعي ترتبط بنواحي ماليه وفنية وتنظيمية ، كما توجد معوقات وصعوبات في التعاون بين الجامعات وقطاعات التنمية المختلفة في مجال البحث العلمي ، كما تم التوصل إلى أنه من الممكن التخلص من معوقات البحث العلمي الجامعي بإيجاد سبل الدعم المـادي والمعنوي لتنشيط حركة البحث العلمي خاصة في المجال الصناعي .
1 - المقدمة :
تحتاج مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الفترة التي تشهد تحولاً كبيراً في درجة التنويع الاقتصادي والنمو المطرد السريع إلى رأس مال بشري يقود عمليات التنمية ، ذلك أن التقدم الاقتصادي لايمكن أن يتحقق بدون توفر القوى العاملة المؤهلة والمتخصصة ، والتي تستطيع القيام بعمليات التخطيط والتنفيذ لبرامج التنمية الاقتصادية ، أي أن قطاعات التنمية الاقتصادية تحتاج إلى المهندسين والتقنيين والفنيين الذين لديهم الإعداد اللازم المطلوب من التعليم والتدريب والخبرة في مختلف مجالات التنمية .
ولقد أثبتت نتائج الدراسات العلمية لدى الدول المتقدمة اقتصادياً بأن ما وصلت إليه هذه الدول من تقدم وتطور لم يكن لمجرد توفر السيولة المادية والخامات الطبيعية فحسب ، بل كان ذلك نتيجة لاهتمام الجامعات بتوفير القوى العاملة المؤهلة التي تحتاجها مؤسسات التنمية الاقتصادية ، خاصة المصانع والشركات ومؤسسات التقنية المختلفة .
وتقوم رسالة الجامعات في العصر الحاضر بدور بالغ الأهمية في حياة الأمم والشعوب على اختلاف مراحل تطوّرها الاقتصادي والاجتماعي ، إذ لم تعد مقصورة على الأهـداف التقليدية من حيث البحث عن المعرفـة والقيـام بالتدريس ، بل امتدت الرسالة لتشمل كل نواحي الحياة العلمية والتقنية والتكنولوجية ، الأمر الذي جعل من أهم واجبات الجامعات المعاصرة هو أن تتفاعل مع المجتمع لبحث حاجاته وتوفير متطلباته.
وإن من ضمن أهم متطلبات المجتمع هو الوصول إلى مراتب عاليـة في ابتكار التقانات المتقدمة والتقدم التقني والتكنولوجي ، ولايتم ذلك إلا بتفعيل رسالة الجامعات في تنشيط حركة البحث العلمي ، وربط البحث العلمي في الدراسات العليا بقضايا التنمية وفتح قنوات التعاون والتنسيق والاتصال بين الجامعات وقطاعـات التنمية المختلفة .
ونظراً لأهمية البحث العلمي الجامعي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية أجريت العديــد من الدراسات العلمية في هذا المجال نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
دراسة بعنوان : " البحث العلمي في خدمة المجتمع " للدكتور مصطفى كمال طلبة ، وكان هدف الدراسة توضيح أن رسالة الجامعة تتضمن تنشيط حركة البحث العلمي لخدمة المجالات الصناعية ، ولقد توصل الباحث إلى أن نشاط البحث العلمي في المجال التقني يؤدي إلى الفهم الأعمق للظواهر الطبيعية ، واكتشاف الجديد منها والإدراك الأوعى بالظروف المثلى للتطبيق والاستغلال الأمثل لهذه الظروف ، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق التنمية الصناعية .
ولقد توصـل الدكتور محمد ناجي المحلاوي في دراسته التي أجراها بعنوان " البحث العلمي في خدمة المجتمع " إلى أن هناك خطوات لابد منها للنهوض بالبحث العلمي في الجامعات لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية من ضمنها العمل على إيجاد كوادر إدارية جامعية تستطيع توفير الاحتياجات المادية والمعنوية لتنشيط حركة البحث العلمي في كافة المجالات .
كما أكد الدكتور عبد الفتاح إسماعيل في دراسته بعنوان " الجامعات ودورها في البحث العلمي والتقدم التكنولوجي " بأنه يجب أن تكون هناك صلة بين الجامعة والصناعة ، بحيث يتم تبادل الآراء والأفكـار وأن يكون حل المشكلات التكنولوجية عن طريق البحوث العلمية الجامعية .
والملاحظ أن الدول المتقدمة صناعياً تضع في مقدمة أولوياتها نقل التقنية من مراكز البحوث في الجامـعات إلى القطاع الصناعي ، وذلك بإنشاء وسائل وسبل فعالة لحفز التعاون بين قطاع الصناعة والجامعات ، وبالرغم من أن الجامعات أدركت في الدول العربية حالياً أهمية تسخير نتائج البحث العلمي في الدراسات العليا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، إلا أن النجاحات التي تحققت في هذا المجال ضئيلة مقارنة بالتعاون الملحوظ بين الجامعة ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
2- مشكلة البحث وتساؤلاته :
تحتاج الجامعات إلى تخطيط وتنظيم علمي مقنن لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية  لتكون أسوة بالجامعات في الدول المتقدمة تقنياً ، فالملاحظ حالياً عند تصنيف الدول من حيث التقدم التقني نجـد أن الجامعات في الدول العربية يأتي تصنيفها في مراتب متأخرة من حيث ابتكار التقانات وتطبيقها ، ذلك أن من ضمن أسباب هذا التأخر عدم توظيف رسالة الجامعات البحثية توظيفاً فاعلاً إيجابياً . فالجامعات هي المكان الأمثل للأبحاث الأكاديمية والتطبيقية الجادة التي يقوم بها المتخصصون في المجالات العلمية المختلفة .
والبحث العلمي الجاد من ضمن رسالة الجامعات الأساسية ، وليس هناك مكان آخر أنسب من الجامعات يمكن أن تتوافـق فيه جهود البحث الأساسي والتطبيقي وذلك من منطلق أن المعلومات العلمية التي تقوم عليها مختبرات البحوث التطبيقية من الممكن أن تقدم خدمات اقتصادية شاملة للمجتمع  .
وعلى الرغم من قناعة الجامعات بأهمية نتائج البحث العلمي المنجز في مراكز البحث أو المختبرات الجامعية ودور ذلك في الابتكارات التقانية ، إلا أنه لاتوجد استراتيجية فاعلة للبحث العلمي أو سياسية بحثية لربط جهود الجامعات في مجال البحث العلمي بالمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية .
فالملاحظ من خلال تطور النمو الصناعي في الدول العربية أن هذه الدول لا تزال تستورد التقنية من الدول المتقدمة صناعياً ، إضافة إلى أن البحوث العلمية في مجال التنمية الصناعية تتسم بالتقليد والمحاكاة دون اللجوء إلى الابداع والابتكار ، مما أدى إلى عزل نشاطات الجامعة البحثية عن نشاطات القطاعات الصناعية ، كما أن ضعف القدرات والبنى التحتية الداخلية في الدول العربية يحول دون تبني الأنماط التي ابتكرتها الدول المتقدمة صناعياً ، الأمر الذي يجعل البحث العلمي لايواكب احتياجات ومتطلبات القطاعات الصناعية .
من هذه المنطلقات نبعت مشكلة الدراسة ، وتتمثل في أن بعض الأبحاث العلمية لطلاب الدراسات العليا في الجامعات تتسم بالتقليدية والمحاكاة دون اللجوء إلى الإبداع والابتكار والاهتمام المباشر بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، الأمر الذي أدى إلى عزل أبحاث الدراسات العليا عن محيط التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
3- تساؤلات البحث :
 ووفقاً لمشكلة البحث يكمن التساؤل الرئيس في الآتي :
·        ما الإجراءات التي يتم بموجبها توجيه البحث العلمي في الدراسات العليا في الجامعات السعودية لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟
    ويتفرع من هذا التساؤل الأسئلة الفرعية التالية :
         1-          ما أهمية البحث العلمي الجامعي في الدراسات العليا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟
         2-          ما أبرز معوقات البحث العلمي الجامعي في الدراسات العليا ؟
         3-          ما العراقيل التي تحول دون إيجـاد الروابط المستمرة بين الجامعات ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟
         4-          ما سبل التخلص من معوقات البحث العلمي المؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي ؟
         5-          ما الاستراتيجية المقترحة للتنسيق والتعـاون البنـاء بين الجامعات ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟
4- أهداف البحث :
إن الاتجاه العالمي لرسالة الجامعات يتمحور حول الخروج من نطاق التركيز على حفظ المعرفة ونشرها عن طريق التدريس والبحوث الأكاديمية إلى مجال أرحب يتيح للبحث العلمي الجامعي المشاركة في التطوير الصناعي ودفع عملية التقدم التكنولوجي إلى الأمام .
ولأن تجـارب الأمم المتقدمة صناعياً أثبتت أهمية توظيف نتائـج البحث العلمي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لذا فإن الدراسة تهدف إلى الآتي :
1-      إبراز سبل النهوض بالبحث العلمي في الدراسات العليا بالجامعات لتلبية متطلبات التنمية .
2-      توضيح معوقات البحث العلمي في الدراسات العليا .
3-      تحديد العراقيل التي تحول دون نسج روابط مثمرة وهادفة بين أبحاث الدراسات العليا وقطاعات التنميـة الحكومية والخاصة .
4-      إبراز سبل التخلص من معوقات البحث العلمي في الدراسات العليا لتحقيق التنمية .
5-      تحديد السبل الكفيلة بربط البحث العلمي في الدراسات العليا بالجامعات بمتطلبات التنمية .
6-      اقتراح استراتيجيات فاعلة لكيفيـة التنسيق بين أقسام الدراسات العليا في الجامعات وقطاعات التنمية المختلفة .
5- أهمية البحث :
إن الثورة العلمية التي يعيشها العلم اليوم تضع أمام الجامعات مشكلات جديدة تتصل بكيفية استخدام البحوث العلمية في الجامعات بصورة أفضل تكفل وفاءها بحاجات المجتمع بصورة أفضل . ولقد استطاعت الدول المتقدمة اقتصادياً التغلب على الكثير من المشكلات التي تعوق تطبيق البحوث العلمية الجامعية على النشاطات التقنية وذلك بتفعيل العلاقة تخطيطاً وتنفيذاً بين الجامعة ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
ونظراً لأهمية التفاعل الإيجابي الجاد بين الجامعات ومؤسسات المجتمـع المختلفة لتحقيق النمو الشامل المنشود ، لذا نجد بأنه آن الأوان حالياً لكي تولى الجامعات الأهمية القصوى لتوظيف نتائج البحث في الدراسات العليا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، من هذا المنطلق تكمن أهمية البحث في الآتي :
1-     أن توضيح أهمية رسالة الجامعات في مجال البحوث العلمية التطبيقية لخدمة القطاع الصناعي يؤدي إلى زيادة حرص المسؤولين في الجامعات على دعم البحوث العلمية التطبيقية مادياً ومعنوياً .
2-     أن توضيح أهمية البحوث العلمية الجامعية في الدراسات العليا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمسؤولين في مجالات النمو الاقتصادية والاجتماعية والجامعات ، يسهم في وضع استراتيجية للتفاعل الإيجابي الفعال بين قطاعات التنمية المختلفة والجامعات .
3-     أن تحديد العراقيل التي تحول دون نسج روابط مثمرة وهادفة بين الجامعات وقطاعات التنمية المختلفة واقتراح أساليب للتغلب على هذه العراقيل ، يسهم في مساعدة الجامعات في التغلب على المشكلات التي تعترض عملية الاستفادة من الأبحاث العلمية الجامعية في الدراسات العليا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
6- الوظائف الرئيسة للجامعات :
تقوم رسالة الجامعات في العصر الحاضر بدور بالغ الأهمية في حياة الأمم والشعوب على اختلاف مراحل تطورها الاقتصادي والاجتماعي ، ومن هذا المنطلق فإن رسالة الجامعات تكمن في ثلاثة وظائف رئيسة ، تتلخص الوظيفة الأولى في قيام الجامعة في المشاركة في تقدم المعرفة ونشرها ، وذلك عن طريق التعليم والتدريس وتزويد الطلاب بمختلف العلوم والمعارف المختلفة ، إضافة إلى إعداد القوى البشرية ذات المهارت الفنية والإدارية من المستوى العالي في مختلف التخصصات التي يحتاج إليها المجتمع ، وفي مختلف مواقع العمل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
وتتلخص الوظيفة الثانية في قيام الجامعة بدور أساس في البحث العلمي في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية وتطبيقاتها العلمية والتكنولوجية والعمل على تطويرها ، وتزداد أهمية هذه الوظيفة في العصر الحاضر عصر الثورة العلمية ، إذ عن طريق البحث العلمي الجامعي يمكن أن تسهم الجامعات في التشخيص العلمي لمشكلة تأخر التنمية الإقتصادية والاجتماعية .
أما الوظيفة الثالثة لرسالة الجامعة فإنها تكمن في خدمة المجتمع عن طريق دورها التثقيفي والإرشادي والمشاركة في تقديم الخدمات الاجتماعية والتوعية العامـة ، وتدعيم الاتجاهات الاجتماعية والقيم الإنسانية المرغوبة . ومن الواضح أن هذه الوظائف الثلاثة متصلة ببعضها ومرتبطة ارتباطاً وثيقـاً بحيث إن أي خلل في إحدى هذه الوظائف يؤثر سلباً على الوظيفتين الأخريين ، " شبانة ، 1973م ، ص 34 - 36 " .
7- دور الجامعات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية :
التنمية عملية ديناميكية تتكـون أساساً من سلسـلة كبيرة من المتغيرات الوظيفية والبنائية التي تحدث نتيجة تفاعل الإنسان مع البيئة بهدف استثمار موارد المجتمع ومكوناته إلى أقصـى درجة ممكنة " الجوهري ، 1978، ص 1  " .
وتعتمد التنمية على عوامل عديدة من ضمنها رأس المال ، والمـوارد الطبيعية ، والتـقدم التقني والظـروف السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، ودرجة الوعي لدى أفراد المجتمع " الحبيب ، 1985م ، ص 158 " ، فاحتياجات التنمية لاتنحصر في المستلزمات المادية للمشروعات ، ولكنها تعتمد أساساً على القوى البشرية اللازمة لهذه المشروعات ، وذلك من منطلق أن مشروعات التنمية تتوقف إلى حد بعيد على توفير احتياجاتها من الأفراد وفق مستويات المهارة المطلوبة .
وأن المفهوم الشامل للتنمية يؤكد على أنها العملية المجتمعة الموجهة نحو إيجاد تحولات في البناء الاقتصادي والاجتماعي ، ويحظى التعليم الجامعي بدور متميز مهمٍ من مؤشرات التنمية لكونه أحد الحاجات الأساسية التي تحققها التنمية " عبد الجواد ومتولي ، 1415هـ ، ص74 "  .
ويقصد بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، كما عرفتها هيئـة الأمم بأنهـا : النمـو والتغير الذي تتكامل فيه جميع أوجه النشاط الاقتصادي والاجتماعي ، وتتضمن كافــة الإجراءات والوسائل والأساليب التي تتخذ لزيادة الإنتاج مـن المـوارد الاقتصادية المتاحـة والكافية لرفع مستوى معيشة الفـرد والمجتمع مع تنظيم عمليات التنمية بشكل يحقق الكفاية والعدل ، ويحقق أحسن استخدام للموارد الاقتصادية والبشـرية ، " شـبانة ، 1415هـ ، ص27 " .
والتنمية الحقيقية الفعالة لاتقـتصر على جانب دون آخر ، فهي تنمـية مقصودة يعبر عنها في أدبيات التنمية بالتنمية الشاملة في جـوانبها الاقتصادية والاجتماعية ، وما تتضمنه من محاور وعناصر عديـدة وتشمل الصحة والتعليم والعمل والدخل الكافي وإشباع الحاجـات الأساسية والقدرة على العطاء والإبداع . " الجلال ، 1985م ، ص 5 " .
أي أن تحقيق تقدم في أي من المجالات الاقتصادية والاجتماعية يعزز فرص التقدم في بقية المجالات ، ويعزز فرص تحقيق آفاق أرحب ومستويات أفضل للحياة ، وهذا الأمر يوضح أهمية تكامل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية لضمان جني أفضـل الثمار المختلفـة لعملية التنمية في ضوء الموارد المتاحة ، " صادق ، 1406هـ ، ص 57-58 " .
والتنمية الشاملة والتعليم الجامعي كلاهما يلتقيان في الإنسان بوصفه محوراً لهما ، فالتعليم الجامعي يتناول شخصية الإنسان بجميع جوانبها وتحقيق التكامل لها ، والتنمية تتناول المجتمع من جميع جوانبه وتسعى أن تتيح له التقدم ، والتنمية الشاملة لا تكون فعالة من غير جهود التعليم العالي في تنمية الثروة البشرية للنهوض بمتطلبات التنمية ، وذلك باعتبار أن التنمية الشاملة للجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية في المجتمع هي الصيغة المناسبة لتقدم المجتمع ، " الحقيل ، 1404 هـ ، ص 42- 52 " .
وكما أن التعليم الجامعي يحقق متطلبات التنمية ، فإنه في مقابل ذلك نجد بأن خطط التنمية تؤثر في النظام الجامعي وذلك للارتباط الوثيق بين التعليم الجامعى والتنمية من جهة ، ولحاجة خطط التنمية إلى القوى البشرية المدربة القادرة على تحقيق أهداف التنمية من جهة أخرى .
ويتوقف نجاح التنمية الشاملة على فعالية التخطيط في تنمية الموارد البشرية ، وذلك من منطلق أن العنصر البشري ، ومايمتلكه من طاقات خلاقة يعتبر عاملاً لايقل أهمية عن رأس المال المادي ، بل هو الأساس في عملية التنمية باعتباره العنصر الإنتاجي الأول ، وهـذا ما أكدته دراسات عديدة أجريت في الدول المتقدمة صناعياً . " الحبيب ، 1981م ، ص 15 ".
والتربية في علاقتها بالتنمية تقوم بالدور الفعال في تنمية الموارد البشرية ، وذلك بالتعليم والتدريب وإعداد القوى العاملة لتنفيذ خطط التنمية ، ويعتبر التعليم العالي من أهم مؤسسات التربية ذات الأثر المباشر في إمداد سوق العمل بالخريجين المتخصصين في مختلف المجالات لدفع عملية التنمية إلى ماتصبو إليه .
لذا فإن ما تقوم به الجامعات من إجراءات القبول ومن توفير التخصصات المختلفة للطلاب . يجسد دور التربية في عمليات التنمية ، وعليه فإن عدم وجود ضوابط مقننة في إجراءات القبول مبنية على متطلبات التنـمية يؤدي ذلك إلى سلبيات في مخرجات التعليم العالي ، وفي هذا الصدد يذكر الجلال بأن الهدف كان واضحاً ومقبولاً من إيجاد مؤسسات التعليم العـالي ، إلا أن إطلاق الهـدف بدون تقييد أفرز بعض المشكلات التي يعـاني منها التعليم العالي في الـدول النامـية ، وبالتالي ضعف دوره في تلبية متطلبـات التنمية . " الجلال ، 1985م ، ص191 " .
8- مفهوم البحث العلمي :
عند النظر إلى تطور مسيرة البحث العلمي نجد أن طرق البحث العلمي عبر التاريخ لم تبدأ علمية منظمة ، فهـي مرت بمراحل متعـددة شملت مرحلة التجريب والخطأ ، ومرحلة الاعتماد على خبرات العارفين والخبراء ، ثم مرحلة الحوار والجدل ومرحلة الاستقراء والاستنباط ، إلى أن تم التوصل إلى الطريقة العلمية في البحث ، والتي تعتمد على تحديد المشكلة وبلـورة التساؤلات والفرضيات وجـمع المعلومـات والمـعالجات الإحصـائية المختلفة والتحليل وتفسير المعـلومات والنتائج النهائية "زويلف والطروانة ، 1998م ، ص23-25".
ويعود الكثير من التقدم العلمي وتطوره لما يقدمه الباحثون من جهود ، وقد عـرف البحث العلمي بأنه عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمى ( الباحث ) من أجل تقصى الحقائق بشأن مسألة أو مشكلة معينة تسمى (مشكلة البحث) باتباع طريقة علمية منظمة تسمى ( منهج البحث ) بغية الوصول إلى حلول ملائمة للعلاج أو إلى نتائـج صالحة للتعميم على المشكلات المماثلة تسمى (نتائج البحث) ، " زويلف والطروانة ، 1998م  ، ص245.
ولقد وردت عدة تعريفات للبحث العلمي تدور معظمها حول كونه وسيلة للاستعلام والاستقصاء المنظم والدقيق بغرض اكتشاف معلـومات أو علاقات جـديدة بالإضافة إلى تطوير أو تصـحيح أو تحقيق المعلومات الجديدة ، وذلك باستخدام خطوات المنهج العلمي واختيار الطريقة والأدوات اللازمة للبحث وجمع المعلومات ، " بدر ، 1982م ، ص20 " .
وهناك تعريفات تشير بأن البحث العلمي عبارة عن استخدام الطرق والأساليب العلمية للوصول إلى حقائق جديدة والإسهام في نمو المعرفة الإنسانية ." زيدان وشعث ، ب.ت ، ص17" .
وأن للبحوث العلمية أنواعاً مختلفة ، وذلمك حسب الأهداف التي يرمى إليها كل بحث علمي ، ذلك أنه توجد بحوث علمية أساسية تطبيقية ، وتستخدم في مجالات التطبيق الزراعي أو الصناعي أو الخدمات ، وتؤدي نتائج هذه البحوث إلى تحسين الطرق والوسائل المستخدمة ورفع كفاءة أدائها ، وهنالك بحوث تطوير وتنمية بهدف التطوير والتجديد ، وبحوث الخدمات العلمية العامـة لجمع المعلومات والبيانات العلمية وحفظها ووضعها في صورة صالحة للاستخدام. "طلبة ، 1973م ، ص  150 - 151 " .
9- الجامعات والبحث العلمي :
الجامعات هي المكان الأمثل للأبحاث الجادة التي يقوم بها المتخصصون وطلاب الدراسات العليا ، ذلك أن برامج الدراسات العليا في الجامعات السعودية تتضمن دراسة مقررات دراسية بالإضافة إلى إجراء الأبحاث العلمية ورسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه ، فالجامعات مؤسسات علمية وثقافية ، تقوم بتوفير التعليم الجامعي ، والنهوض بالبحث العلمي وخدمـة المجتمع بصورة تكاملية لتحقيق متطلبات التنمية ، " الخطيب ، 1416هـ ، ص 3-4 " .
وليس هناك مكان آخر أنسب من الجامعات يمكن أن تتوافق فيه جهود البحث العلمي الأساس والتطبيقي ، وذلك من حيث توفر الأجهزة والإمكانات والمختبرات العلمية . " إدارة الدراسات والتطوير الجامعي ، جامعة الملك سعود ، المملكة العربية السعودية ، 1416هـ ، ص9 " .
وإن نظرة  إلى إجراءات تنظيم وتنفيذ البحث العلمي في الدراسات العليا نجـد أنه توجد بعض المعوقات التي تؤثر سلباً على مدى الاستفادة الجادة من الأبحاث العلمية في مجـال التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، من ضمنها توجد معوقات في تنظيم الإشراف واختيار الموضوعات ومعوقات تنظيمية وفنية ومالية .
10- مقترحات للتغلب على معوقات البحث العلمي :
بالنسبة للمعوقات المالية ينبغي زيادة الميزانيات المخصصة للبحوث العلمية خاصة المتعلقة بالجانب الصناعي وتسهيل إجراءات الصرف بما يوجد المرونة الكافية لتمويل الأبحاث وصيانة الأجهزة وتأمين المعدات وذلك بإيجاد لوائح خاصة بمراكز البحوث الجامعية .
وبالنسبة للمعوقات التنظيمية ينبغي وضع تصور عام لخطط البحث العلمي بالجامعة على مستوى الأقسام والكليات وفقاً للاحتياجات التي تتطلبها المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية ، وضع تصور عام للتعاون بين كليات الجامعة التي بها دراسات عليا ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
وبالنسبة لمعوقات أدوات البحث العلمي ينبغي إمداد المراكز بالأجهزة المتقدمة بما يساعد الباحثين على النهوض بمهامهم ووضع خطة لإمداد مراكز البحوث والكليات بالكتب والدوريات العلمية والأبحـاث التي تلقى في الندوات العلمية وتخصيص جهـة أو إدارة تتولى ذلك – ربط مراكز البحوث بشبكات قواعد المعلومـات الدولية - العمل على تشجيع الأبحـاث العلميـة المتميزة في أوعية النشر المتخصصة والطباعـة،  " الدباسي ، 1998 ، ص 220 - 227 " .
11- الصلة بين الجامعات والقطاع الصناعي لتعزيز التعاون في مجال البحث العلمي :
بالرغم من الاختلاف في الثقافة والتقاليد بين الجامعة والقطاع الصناعي ، فقد أصبح واضحاً ضرورة وجود آلية مناسـبة لتحقيق درجة عالية من التفاعل ، من أجل تعاون أوسع وأوثق بينهما ، فالتعليم العالي يصنع المعرفة ، والمعرفة تعني التفكير ( الاستكشاف ، التخطيط ، والتصميم ) وتطوير المفاهيم الأساسية للتفكير إلى مابعد الوضع الحالي ، بينما تعني الصناعة بالتطبيق التجاري للمعرفة والرغبة في تحقيق الربح ، والتطبيق التجاري للمعرفة الجديدة يتطلب استثمارات معقولة في البحوث التطبيقية وتطويرها ، لتقوية العلاقــة بين الجامعة والصناعة ، "سعيد ، 1998م ، ص 526 " .
والجامعة في وقتنا الحاضر أصبحت مطالبة بمواجهة عدد كبير من المتطلبات والمتغيرات أهمها : الحاجة إلى أعداد كبيرة من المتخصصين في مختلف أنواع التقنية المتقدمة في الصناعة والزراعة والتجارة ، حيث إن التقـدم التقني الهائل الذي تشهده المجتمعات المتقدمة يحتم علينا أن نساير ونواكب هذا التقدم حتى لانتخلف عن الركب العالمي – الحاجـة إلى توجيه النشاط البحثي والعلمي نحو المجـالات التطبيقية ، وذلك من منطلق أن التنميـة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي يعتمدان على نتائج تلك البحوث العلمية - الحاجة إلى مساهمة الجامعات بصورة أكثر فعالية في تلبية متطلبات التنمية الصناعية .
ومما لاشك فيه أن تنمية العلاقة بين الجامعات ومؤسسات الصناعة سوف يؤدي إلى توفير المناخ الصحي للتطور التقني ، بيد أن غياب هذه العلاقة قد يؤدي إلى جعل الجامعات معزولة عن متطلبات المجتمع وغير محققة لدورها الفعال في نمو المجتمع بالإضافة إلى استمرار توجه القطاعات الإنتاجية للاعتماد على التقنية الأجنبية ومايترتب على ذلك من غياب الانسجام بينها وبين الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع .
وإجمالاً يمكن بلورة الأهمية المستخلصة من تعاون الجامعات والقطاعات التقنية من خلال مجموعة من الفوائد والمزايا التي تخدم التنمية الصناعية ، وأهمها : الاستفادة العلمية من البحوث العلمية الجامعية في المجالات الإنتاجية بوحدات القطاع الخاص ، حيث الاستفادة من هذه الأبحاث والمعلومات التقنية ، سوف يساعد على تحقيق عائد كبير للقطاع الخاص وبدوره ينعكس ذلك على تحقيق الأهداف التنموية للدول النامية بشكل عام - توفير المعلومات التقنية للقطاع الخاص ، وذلك من خلال تعدد وسائل المعرفة العلمية بالجامعات وسهولة نقلها للقطاع الخاص - الاستفادة القصوى من الأبحاث المنجزة بالجامعات ، وإمداد المؤسسات بالمعلومات التقنية الحديثة لمساعدتها في مسيرتها الإنتاجية ، كما أن الاستفادة من تلك الأبحاث قد تفتح مجالات عمل جديدة وبالتالي تخلق فرص عمل ، ومصادر جديدة للدخل ، المساعدة في تقديم المشورة الفنية للمؤسسات والوكالات التسويقية لإيجاد أسواق تصدير لمنتجاتها .
كما أن هناك العديد من المزايا والمكتسبات التي تعود على الجامعات من جراء تعاونها مع القطاع الصناعي مثل اكتسابها للسمعة العلمية المتقدمة ، حيث إن إجراء الأبحاث التطبيقية الهادفة ذات الصلة المباشرة بالمجتمع سيعمل على إكساب الجامعات مصداقية محلية ودولية .
ومن جهة أخرى هناك أيضاً العديد من المزايا والمكتسبات التي تعود على القطاع الصناعي من جراء تعاونه مع الجامعات مثل التعرف على اتجاهات الأبحاث ونتائجها ، وإمكانية استخدام وتشغيل المعامـل التجريبية التي تتوفر بالجامعات ، بالإضافة إلى الخدمات والتسهيلات العلمية الأخرى ، وكذلك سرعة تفاعل الجامعات مع شركات القطاع الصناعي والاستجابة لكيفية تطبيق ونقل النتائج العلمية لابتكار منتج جديد أو تطوير معلومة علمية بأقل التكاليف ، كما سيؤدي هذا التعاون على المدى البعيد إلى تقليل الاعتماد على التقنية الأجنبية المستوردة، وبالتالي تقليل النفقات وارتفاع المردود الاقتصادي للقطاع الخاص .
ويعتبر مجال البحوث التطبيقية ذات الصبغة التقنية من أهم أوجـه التعاون بين الجامعات والقطاعات الصناعية ، إضـافة إلى الأبحاث الخاصـة بسـلوك العاملين أو المشكلات الإدارية أو التحويلية أو التسويقية ، " إدارة البحوث والدراسات الاقتصادية ، الغرف التجارية الصناعية بالمملكة العربية السعودية ، 1998م ، ص 574 - 583 " .
إن القطاع الصناعي يدرك أن قطاع التعليم العالي وخاصة الجامعات هي أمكن لترويج الأفكار ، حيث يتم البحث عن المعرفة وإن أي فكرة أو نظرية تولد في محيط الجامعة ستكسب حياتها من مختبرات البحوث ، ولكنها تتحول إلى حقيقة واقعية في السوق بواسطة التصنيع ، لذا فإن الالتزام الأكاديمي هو البحث عن المعارف الجديدة وتبادلها ، بينما يكون الالتزام الصناعي هو تشجيع ودعم هذه المعارف الجديدة من خلال تمويل البحوث الأساسية والتطبيقية وتطويرها ، وإنتاج النماذج وترجمتها إلى منتجات وخدمات .
12- المعوقات والصعوبات التي تواجه التعاون بين الجامعات والقطاعات الصناعية :
مما لاشك فيه أن هناك بعض العقبات والصعوبات التي تقف حائلاً أمام تحقيق التعاون المأمول بين الجامعات والقطاع الخاص ، وتجدر الإشارة إلى أن هناك وجهتي نظر في هذا الخصوص ، الأولى يتبناها رجال التعليم وتتلخص في ضعف الإعلام عن الخدمات الاستشارية أو البرامج التدريبية أو برامج البحوث التي تسهم فيها أو تنظمها الجامعات - ضعف رغبة المؤسسات الصناعية في المشاركة في تكاليف المشروعات البحثية - ضعف العلاقة بين الجامعات والقطاعات الإنتاجية ، حيث يرى رجال التعليم أن المؤسسات الصناعية لاتثق كثيراً في الأبحـاث والدراسات العلمية ، وعدم اقتناعها بفائدتها لمؤسساتهم ، ضعف الثقة في الإمكانات والخبرات الوطنية ، حيث تلجأ بعض المؤسسات الخاصة إلى التعاقد مع مؤسسات بحثية أجنبية ، للحصول على الاستشارات وإجراء البحوث - اكتفاء بعض المؤسسات الإنتاجية بما لديها من خبراء وفنيين لحل مشكلاتها .
في حين أن هناك وجهة نظر أخرى لرجال الأعمال بالقطاع الخاص في المعوقات والصعوبات التي تواجه التعاون بينهم وبين الجامعات ، تتمثل في انشغال الجامعات بالتدريس عدم الاهتمام بإجراء بحوث تطبيقية تعالج مشكلات الانتاج المحلي - وجود تطور سريع في بعض القطاعات الإنتاجية ، والمشكلات الناجمة تفوق مستوى المساهمة التي يمكن أن تقدمها الجامعـات - عدم ارتباط المناهج التعليمية والتدريبية بالواقع الحالي للقطاعات الإنتاجية وماتواجهه من مشكلات ومعوقات ، والاكتفاء بالجانب النظري دون التطبيقي في المنهج التعليمي .
ومن بين الآليات الشائكة في علاقة الجامعات بالقطاعات الصناعية عدم الاتفاق على العوائد الآلية العاجلة والمستقبلية الآجلة للبحث العلمي ، ومدى التمايز والمفاضلة بين كل من العائد الاقتصادي والعائد الاجتماعي لهذه البحوث .
هذا بالإضافة إلى أن هنالك إلمام قليل وأقل منه في القطاع الصناعي بالذي يجري في الجامعات والعمل الذي يمكن أن تؤديه للقطاعات الصناعية بصورة خاصة ، كما أن هنالك عدم ثقة من الجانب الصناعي بإمكانات الجامعات بالمساهمة في إيجاد الحلول للكثير من المشكلات التي تواجهها ، كما أن بعض الجامعات ليس لديها الإدراك العـام بما يمكـن أن تقدمه للقطاعات الصناعية لافتقارها للخبراء المتخصصين في المجالات البحثية التقنية ، عدم وجود تنسيق وتعاون بين القطاعات الصناعية ومراكز البحث الجامعي ، الأمر الذي أدى إلى عدم الاستفادة من الخبرات والآراء والأفكار في مجال البحث العلمي التقني .
13- سبل تفعيل التعاون بين الجامعات والقطاعات الصناعية في مجال البحث العلمي
" التوصيات " :   
للتخلص من العراقيل والمعوقات التي تواجه التعاون بين مراكز البحوث الجامعية والقطاعات الصناعية ، ينبغي أن يكون هنالك برنامج إعلام واتصالات لتعزيز الفهم العام لدور مراكز البحث العلمي الجامعي وتأثيرها على التنمية التقنية ،  كما يجب أن يكون هنالك وعي وإدراك تام بأن مساهمة القطاع الصناعي أول من ينتفع بثمار هذه المساهمة .
إن عناصر الإدارة التقليدية للجامعات قد تكون مناسبة لتناول المسائل الأكاديمية ، ولكنها غير مناسبة لمواكبة التعاون المطلوب بين قطاع التعليم العالي وقطاع الصناعة . ولقد آن الأوان لمراجعة هذه العناصر ، وذلك بإجراءات مهمة يجب أخذها في الاعتبار لتعزيز العلاقة بين الجامعات والقطاع الصناعي ، يأتي في مقدمتها تأسيس مجالس للتعاون الصناعي في مختلف المجالات الأكاديمية ، تضم هذه المجالس في عضويتها أعضاء من هيئة التدريس بالجامعة وممثلين للقطاع الصناعي .
وبالنسبة لدور القطاع الصناعي نجد بأن هناك بعض القلق في قطاع الصناعة من أن الدراسة والبحوث في الجامعات والكليات في الدراسات العليا ليست متوافقة دائماً مع احتياجات الصناعة الحالية ، وربما المستقبلية والاتهام في هذا الإطار بالنسبة لقطاع الصناعة هو أنه لم يقم بتوضيح وجهـة نظره للجامعات . إن مسؤولية إعداد مثل هذه الآراء وسط قطاع الصناعة وبحثها مع الجامعات يقع على عاتق الهيئات والمؤسسات والغرف التجارية الصناعية .
وهناك دور مشترك بين الجامعات والقطاع الصناعي يجب القيام به على أكمل وجه لكي يكون التفاعل بينهما وثيقاً ومفيداً ومثمراً ، فمثلاً يجب التزام كلتا الإدارتين بتفعيل التعاون بينهما وجعله إحدى الأولويات - تمثيل القطاع الصناعي ، وخاصة الشركات الكبيرة في مجالس الدراسات العليا بالجامعات إنشاء لجان مشتركة بين الجامعات والقطاع الصناعي لمتابعة ومراجعة وتعزيز وتقويم هذا التعاون وإعطاء هذه اللجان صلاحيات تمكنها من تذليل كل الصعوبات التي تقف عائقاً في سبل تحقيق النتائج المرجوة .
ولتفعيل سبل التعـاون بين الجامعات والقطاعات الصناعية في مجال البحث العلمي ، فإننا نوجز ذلك في الآتي : العمل على زيادة التواصل بين قطاعات التعليم وقطاعات الأعمال والإنتاج حتى يتمكن رجال الأعمال من الاطلاع على المناهج التي تدرس في قطاعات التعليم والجامعات وذلك في التخصصات التي تهم رجال الأعمال ، وكذلك حتي يتمكن الأساتذة بالجامعات وطلاب الدراسات العليا وقطاعات التعليم الأخرى من الاطلاع على التقنيات المستخدمة في المؤسسات الإنتاجية ، مما يعطي الفرصة للجامعات في إمكانية تعديل مناهج الدراسة ، وإضافة تخصصات مستحدثة تلائم متطلبات القطاعات الإنتاجية ، وبالتالي تحقيق الترابط المنشود بين الجامعات والقطاعات الإنتاجية بالمجتمع - توجيه وتشجيع إعداد أبحاث الدرجات العلمية للماجستير والدكتوره نحو الجانب التطبيقي لواقع قطاعات الأعمال والإنتاج - تبادل الخبرات والمعلومات بين الجامعات والقطاع الصناعي - وضع خطة طويلة الأجل لشكل وحجم التعاون والتفاعل بين الجامعات والقطاع الصناعي في مجال البحث العلمي - تقديم الدعم من قبل المؤسسات الإنتاجية للجامعات من خلال التعاقدات البحثيـة والمنح والتمويل – تشجيع وتحفيز الجامعات ومراكزها العلمية على استنباط وتنمية التقنية بحيث تتلاءم وظروف مؤسسات الإنتاج والخدمات واحتياجاتها وإمكاناتها .
ولوضع هذه الآليات موضع التنفيذ نقترح إنشاء لجنة فنية مشتركة تجمع ممثلين من مراكز البحوث في الجامعات ومن قطاعات الصناعة لتتولى وضع الخطط المستقبلية لتفعيل التعاون بينها وللاستفادة من الأبحاث الجامعية ووضعها موضع التطبيق العملي .
14- الخاتمة :
يعتبر البحث العلمي الجامعي من ضمن أهم وظائف الجامعات ، وذلك لما يقدمه من خدمات اقتصادية واجتماعية ، ولأبحاث برامج الدراسات العليا في الجامعات أهمية كبيرة في دعم مسيرة التنمية الشاملة ، ولذا تم التوصل بأنه لكي تسهم الجامعات في النمو الاقتصادي والاجتماعي ينبغي الاهتمام الفعلي الجاد بأبحاث الدراسات العليا وربطها بالاحتياجات الفعلية للتنمية .
ومما لاشك فيه توجد معوقات لتنشيط حركة البحث العلمي الجامعي ترتبط بنواحي مالية وفنية وتنظيمية ، كما توجد معوقات وصعوبات في التعاون بين الجامعات والقطاعات الصناعية في مجال البحث العلمي ، وتتمثل في ضعف العلاقة بين الجامعات وقطاعات الصناعة ، وترى الجامعات بأن المؤسسات الصناعية لاتثق كثيراً في الأبحاث الجامعية في الدراسات العليا وعدم قناعتهم بفائدتها لمؤسساتهم في الوقت الذي يشعر رجال الأعمال في القطاعات الصناعية بأن الجامعات لاتهتم بإجراء بحوث تطبيقية تعالج الانتاج ، هذا بالإضافة إلى عوائق ترتبط بالدعم المالي ودرج ة الثقة المتبادلة .
ولقد أسفرت نتائج البحث عن وجود  معوقات لتنشيط حركة البحث العلمي الجامعي ترتبـط بنواحٍ مالية وفنية وتنظيمية ، كما توجد معوقات وصعوبات في التعـاون بين الجامعات وقطاعات التنمية المختلفة في مجال البحث العلمي . كما تم التوصل إلى أنه من الممكن التخلص من معوقات البحث العلمي الجامعي بايجاد سبل الدعم المادي والمعنوي لتنشيط حركة البحث العلمي خاصة في المجال الصناعي . وأنه من الممكن كذلك التغلب على معوقات التعاون بين الجامعات وقطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بتبادل الخبرات البحثية والفنية ، وتأسيس مجالس للتعاون بين الجامعات ومؤسسات التنمية المختلفة .
المراجع :
1-     الجلال ، عبد العزيز ، تربية اليسر وتخلف التنمية ، عالم المعرفة ، الكويت ، 1985م .
2-     الجوهري ، محمد ، علم الاجتماع وقضايا التنمية في العالم الثالث ، دار المعارف ، القاهرة ، 1978م .
3-     الحبيب ، فائز إبراهيم ، نظريات التنمية والنموالاقتصادي ، عمادة شؤون المكتبات ، جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية ، الرياض ، 1985م .
4-     الجلال ، عبد العزيز ، التربية والتنمية ، الدار التربوية للدراسات والاستشارات ،الرياض ، 1985م .
5-     الحبيب ، مصدق جميل ، التعليم والتنمية الاقتصادية ، بغداد ، 1981م .
6-     الحقيل ، سليمان عبد الرحمن ، سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية ، أسسها وأهدافها ووسائل تحقيقها ، دار اللواء للنشر والتوزيع ، الرياض ، 1404هـ .
7-     الخطيب ، محمد شحات ، التنسيق بين مراكز البحث العلمي في الجامعات السعودية ، جامعة الملك سعود ، الرياض ، 1416هـ .
8-     الدباسي ، عبد الرحمن إبراهيم ، مراكز البحث العلمي في الجامعات السعودية ، بحث منشور في ندوة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية ، الرياض ، 1998م .
9-     الإدارة العامة لشؤون أعضاء هيئة التدريس والطالبات بكليات البنات في المملكة العربية السعودية ، علاقة أعضاء هيئة التدريس بالقطاعات الأخرى ، ورقة عمل مقدمة في ندوة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية ، الرياض ، 1998م .
10-إدارة البحـوث والدراسات الاقتصادية ، تعاون أعضـاء هيئة التدريس مع القطاعات الأخرى ( القطاع الخاص ) بحث منشور في ندوة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية، مجلس الغرف التجارية في المملكة العربية السعودية ، الرياض ، 1998م .
11-إدارة الدراسات والتطوير الجامعي ، برنامج تطويرخدمات البحث العلمي، جامعة الملك سعود ، الرياض ، 1998م .
12-بدر ، أحـمد ، أصول البحث العلمي ومناهجه ، الطبعة السادسة ، وكالة المطبوعات ، الكويت ،  1982م .
13-زيدان ، محمد مصطفى ؛ وشعث ، صالح مضيوف ، مناهج البحث في علم النفس والتربية ، دار المجمع العلمي ، جدة ،  د . ت .
14-زويلف ، مهدي ؛ والطروانة ، تحسين ، منهجية البحث العلمي ، الطبعة الأولى ، عمان ، دار الفكر للطباعة والنشر ، 1998م .
15-سعيد ، سيد أحمد محمد ، تعاون أعضاء هيئة التدريس مع القطاع الخاص ، بحث منشور في ندوة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية ، وزارة التعليم العالي ، الرياض ، 1998م .
16-شبانه ، زكي محمود ، دور الجامعات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، بحث منشور في المؤتمر العام الثاني للجامعات العربية بالقاهرة ، اتحاد الجامعات العربية ، 1973م.
17-طلبة ، مصطفى كمال ، البحث العلمي في خدمة المجتمع ، بحث منشور في المؤتمر العام الثاني لاتحاد الجامعات العربية ، المنعقد بجامعة القاهرة ، اتحاد الجامعات العربية ، القاهرة ، 1973م .
18-عبد الجواد ، نور الدين ، متولي ، مصطفى محمد ، واقـع التنمية وخطواتها المستقبلية في دول مجلس التعاون ودور التربية في تلبية احتياجاتها ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، الرياض ، 1415هـ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق