الأحد، 15 أبريل 2012

              الجودة في التعليم


مقدمة

تعد قضية إعداد وتأهيل المعلمين من القضايا التي تمثل الصدارة بين مشروعات التطوير التربوي في مؤسسات التعليم العالي في العديد من دول العالم، وسبب ذلك الشعور بالإحباط وخيبة الأمل في أوساط المؤسسات التعليمية القائمة في كثير من الدول وتدهور العلاقة بين المعلمين والمسئولين عنهم، إضافة إلى تزايد الأصوات المنادية بإخضاع التربية للمساءلة، وأخيرا الدعوات المتتالية لتطوير نوعية وجودة التعليم، وضرورة إعداد معلم يمكنه القيام بأدواره المختلفة في عالم يتسم بالتغير المستمر في عدد من الجوانب الحياتية (الآن، 1999).   فالتعليم يجب أن يساعد المتعلم أو الطالب أن يعيش حياته بقدرات وثقة عالية. ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا إذا كان هناك جودة في التعليم.  أي عندما تكون عملية التعلم إيجابية ومفيدة، وعندما يكون التعلم حقيقي،  فعالمنا الحاضر معقد والمعرفة تتقدم فيه بشكل سريع ومطرد.



ومما لاشك فيه أن موضوع الجودة في التعليم العام والتقني والعالي والمتواصل يعتبر من أهم المواضيع التي أولتها الدول المتقدمة منذ فترة أهمية خاصة وإستثمرت فيه حتى أصبحت الجودة مؤشراً وعنصراً مهماً في التقدم والتطور والبحث والمنافسة.   فقد حددت اليونسكو في مبادرتها الحالية عام 2000  "التعليم للجميع"  عدة أهداف، وكان الهدف السادس لليونسكو هو تحسين كافة الجوانب للتعليم للوصول إلى وضع يستطيع الجميع أن يكونوا ممييزين ويحقق جميع الطلبة نتائج معترف بها ويمكن قياسها ولاسيما في القدرات القرائية والحسابية والمهارات الحياتية الأساسية ولمدى الحياة.   وهذا يعنى أن التعليم والتعلم يجب أن يزود المتعلمين بالمعرفة والأدوات والمقدرة على استخدام هذه المعارف والمهارات المكتسبة بكل ثقة، وكذلك تطوير السلوك الذي يعتمد فيما يعتمد فيه على الأخلاق والمثل والقيم الإيجابية كالفهم والاحترام والتعامل الجيد والقدرة على التواصل مع الآخرين ومعرفة حقوقهم.   فهذا هو التعليم ذي الجودة العالية الذي سيقود إلى فوائد إجتماعية وإقتصادية جمة (يونسكو، 1990).



ففي كانون الأول 2002, أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بقرار رقم 57\254، مشروع العقد 2005 - 2015 "التعليم من أجل التنمية المستدامة" (Decade of Education for Sustainable Development (2005-2014, DESD)).  ويعني هذا المسمى أن التعليم هو الذي يعطي الناس القدرة على الرؤيا المستقبلية، ومواجهة وحل المشاكل المهددة للحياة، وإعطاء القيم والمبادئ الأساسية لديمومة التطور، ويغطي التعقيدات والتداخلات بين الثلاث اتجاهات: البيئة، والمجتمع، والصحة، والاقتصاد (يونسكو، 2005).  لذلك وبالتحديد، يهدف هذا المشروع إلى إبراز الدور الرئيس الذي يؤديه التعليم والتعلم في السعي المشترك لتحقيق التنمية المستدامة والمساعدة في تحسين جودة التعليم والتعلم، ومساعدة الدول لتحقيق التطور بإتجاه الوصول إلى التطور الألفي، وإعطاء الدول الفرص لإدخال الـتنمية المستدامة (ESD) في الإصلاح التعليمي، وتيسير إقامة الروابط وإنشاء أو تشكيل الشبكات والتبادل والتفاعلات فيما بين الأطراف المعنية في مجال التعليم من أجل التنمية المستدامة (ESD).



وبما أن كليات وأقسام التربية في مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية - وخاصة الجامعات - أصبحت تقوم بالدور الأساس في إعداد وتأهيل المعلمين في كافة المراحل والمستويات التعليمية، لذلك أصبح لزاما عليها أن تقوم بعملية تطوير مستمر لبرامجها المختلفة لتتلاءم واحتياجات الطلبة والمجتمع وان تعمل على ضمان جودة التعليم المقدم للطلبة والذين سيمارسون مهنة التعليم مستقبلا.  فمهنة التعليم كغيرها من المهن كالطب والهندسة والمحاماة لا يمكن أن يحترفها إلا من اعد لها إعدادا خاصا من حيث اكتساب المهارات والمعارف والخبرات المطلوبة وخاصة من يعيش في عصر أصبح التغيير المستمر سمه من سماته.  وهذا يتطلب الترخيص لمهنة التعليم منة خلال إسناد هذه المهمة إما إلى الجامعات أو إلى جمعية أكاديمية معروفة يشرف عليها أساتذة جامعيون يحملون رتب الأستاذية في مجال التربية وتخصصات معرفية أخرى ، كاللغة العربية، والعلوم، والرياضيات (صبري وأبو دقة، 2006).



وبمراجعة بعض البيانات والحقائق التي تعكس الواقع العملي لمهنة التعليم في فلسطين نري أن نظام التعليم في فلسطين يعمل على تشغيل 3000 معلم سنويا حيث يتم ضمهم إلى خمسين ألف معلم يعملون في مهنة التعليم، منهم 2000 يتم تشغيلهم من خلال موازنة الحكومة الفلسطينية والباقي يتم تشغليهم في المدارس الخاصة والوكالة.  وقد تطورت النظرة إلى المؤهلات التربوية للمعلم الفلسطيني حتى لم يعد المؤهل الأكاديمي للدبلوم المتوسط أو حتى درجة البكالوريوس للحقل المعرفي يكف المعلم، فالمعلم بحاجة إلى تأهيل مهني- تربوي من خلال برامج التأهيل التربوي (صبري وأبو دقة، 2006)، وخاصة وان الكثير من الدراسات بينت أن العامل الأهم الذي يساهم في نوعية أنظمة التعليم هو مستوى المدرسين أنفسهم.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق