الأحد، 15 أبريل 2012

 ا    استراتيجيات الإعداد بكليات التربية في المملكة العربية السعودية


m

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين .. وبعد:

يعتبر المعلم الركيزة الأساسية في تطوير العملية التربوية، كونه يسهم بفعالية كبيرة في تطوير أداء الطلاب وتوجيههم الوجهة السليمة نحو المواطنة الصالحة. كما أنه يتعامل مع العقول والأفكار وصقلها وتدريبها في جميع نواحي المعرفة والتقدم التكنولوجي.

إن العامل الأهم والعنصر الأكثر تأثيرا في العملية التعليمية هو المعلم الجيد الذي يتوقف على جودته وكفاءته جودة التعليم وفاعليته، والذي يقع عليه العبء الأكبر في العملية التعليمية.

ونجاح أي نظام تعليمي يعتمد بالدرجة الأولى على مستوى إعداد المعلم، لذا أصبح تطوير مؤسسات إعداد المعلم مطلبًا هامًا وملحًا لتحقيق التنمية البشرية الشاملة. ولقد أكد تقرير اللجنة الدولية المعنية في التربية في القرن الحادي والعشرين على مبدأ تكافؤ الفرص التربوية وضرورة تأهيل المعلمين المستمر المتواصل بين مرحلة إعداد المعلمين قبل الخدمة ومرحلة التدريب.

والمملكة العربية السعودية شأنها شأن الدول الأخرى تحرص على إعداد المعلم والرفع من مستواه لتمكينه من أداء مهنته بطريقة سليمة تتناسب مع متطلبات العصر الذي نعيشه وترجمة الأهداف التي ينشدها المجتمع إلى واقع عملي ملموس.

لذا كان لا بد من وضع استراتيجيات تربوية حديثة ،  تتجدد وفقا لمراحل زمنية محددة، في ضوء حاجات المجتمع والأفراد بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية الحديثة في إعداد المعلم ، وبما يحقق  التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية .

وسنتناول في هذا التقرير استراتيجيات الإعداد بكليات التربية من حيث ( المفاهيم المتعلقة بها ، ومن خلال الأدبيات المعنية ، ومن ثم نبين أهم الآراء ووجهات النظر المختلفة حول وضع الاستراتيجيات في إعداد المعلم ، ثم النتائج التي تم التوصل إليها ، ثم التوصيات ) .

ويأمل الباحثان أن يقدما تصورا واضحا حول هذا الموضوع ، والله ولي التوفيق .  







                 





v         الأهداف العامة لهذا التقرير:

أولاً: التعريف بالمصطلحات المتعلقة بموضوع استرتيجيات الإعداد بكليات التربية

ثانياً: الأدبيات المتعلقة بالموضوع  .

ثالثاً: الآراء ووجهات النظر حول استراتيجيات الإعداد بكليات التربية .

رابعاً: التعليق على ما سبق والوصول إلى نتيجة .

خامساً:  التوصيات.



























التعريف بالمصطلحات:

الاستراتيجية :

 الاستراتيجية لفظة أجنبية الأصل استخدمت في المجال العسكري وتعني فن القيادة الجيش وعرفها   مجدي (2009م)" تربوياً: تعني الاستراتيجية مجموعة من التحركات المتتابعة لتحقيق أهداف مسبقة محددة واضحة ,ومن خلال مجموعة من التحركات المرنة "ص73

الإعداد:

     والمقصود في مفهوم الإعداد في هذا البحث ما يخص كليات التربية من برامج , ويعرفها مجدي    (2009م) بقوله "هي البرامج الخاصة بالإعداد للعملية التدريسية ,ويمكن أن تتضمن مهارات الكمبيوتر والمهارات التكنولوجية الأخرى . ومعظم خطط الإعداد للتدريس تقدم التدريب على عملية التدريس من خلال الإعداد المهني التربوي في كلية التربية ,بهدف تجهيز المعلم أكاديمياً وتربوياً وتقنياً ونفسياً لتحمل مسؤولية العمل التدريسي "  ص127.

ويعرف ( الأحمد ، 2004 م) إعداد المعلم قبل الخدمة : هو نظام تعليمي يتألف من مدخلات وعمليات ومخرجات ومن مدخلاته: أهداف تسعى إلى تكوين الطالب المعلم ليصبح معلماً في المستقبل – وخطة دراسية تحتوي على مكونات أربعة هي : الثقافة العامة والتخصص الأكاديمي والتخصص المهني والتربية العملية . ومن عمليات هذا النظام : الطرائق والتقنيات وأساليب التقويم المستخدمة لتحقيق أهداف النظام . أما مخرجات هذا النظام فهي المعلم المتمرن الذي يبدأ الخدمة في أحد المراحل التعليمية حسب ما أُعِدَّ له  ص 18.

كلية التربية :

   ذكر جرجس( 2005م ) أن كلية التربية "غايتها إعداد أساتذة يتمعنون بالكفاءة التربوية وإعداد الطلاب للإجازة التعليمية ولدبلوم الدراسات العليا في نطاق علوم التربية إضافة إلى منح الرتب الجامعية العالية في مجال التربية وإعداد أطر تربوية لمختلف قطاعات الإدارة التربوية من مفتشين ومرشدين تربويين ومديري مدارس ودور معلمين ومعلمات وغيرهم ،والقيام بالأبحاث والدراسات التربوية العالية ،وحلقات تربوية ودورات تدريبية وتأهيلية والاشتراك في ما يعقد من مؤتمرات وندوات تربوية في الداخل والخارج ، والاشتراك في حقل التخطيط التربوي وفي حقل إعداد مناهج التعليم . "ص421.



§        التعريف الإجرائي لاستراتيجيات الإعداد بكليات التربية : هي مجموع الخطط والتصورات التي يضعها مسؤولو الإعداد في كليات التربية وفقا لخطة زمنية محددة ، حيث تشمل الأهداف والعمليات والتنظيم والبرامج والأسس والتقويم ، وذلك حتى تتم عملية إعداد المعلمين بشكل منظم وهادف وفعال.



الأدبيات المتعلقة بالموضوع:

 مرت عملية إعداد وتدريب المعلم باستراتيجيات مختلفة منذ القدم ومارستها مختلف المجتمعات وقد صادفها كثير من التعديل والتطوير على مر العصور , فمنذ كان الإعداد يتم من خلال جهود فردية تستمد من الخبرة المباشرة و الممارسة حتى صار الإعداد يتم من خلال مؤسسات تربوية تعنى بالتأهيل والتدريب .

إن عملية إعداد المعلمين تحتاج إلى عناية فائقة وتخطيط سليم ، وهذا لا يتحقق إلا بوضع الاستراتيجيات المناسبة ، وذلك بعد دراسة لحاجات المجتمع والنظام التربوي والوضع السائد ، وتحليل لأهم الاتجاهات العالمية الحديثة ، حتى نأخذ منها ما يوافق مجتمعنا وعاداته وتقاليده ، ووفقا للظروف السائدة .

 و لقد وجهت المملكة العربية السعودية عنايتها إلى التخطيط لإعداد المعلم الوطني الكفء، ويتضح ذلك جليا من سياسة إعداد المعلمين ( الحقيل ، 2003م ) كما حددتها وثيقة سياسة التعليم، والتي جاءت في المواد التالية:

1-    تكون مناهج إعداد المعلمين في مختلف الجهات التعليمية وفي جميع المراحل وافية بالأهداف الأساسية التي تنشدها الأمة في تربية جيل مسلم يفهم الإسلام فهما صحيحا عقيدة وشريعة ويبذل جهده في النهوض بأمته.

2-    يعنى بالتربية الإسلامية واللغة العربية في معاهد وكليات إعداد المعلمين حتى يتمكنوا من التدريس بروح إسلامية عالية وبلغة عربية فصيحة.

3-    تولي الجهات التعليمية المختصة عنايتها بإعداد المعلم إعدادا علميا ومسلكيا لجميع مراحل التعليم حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي وفق خطة زمنية .

4-    تتوسع الجهات التعليمية في معاهد المعلمين والمعلمات ومن كليات التربية لكافة المواد لسد حاجة البلاد في الخطة الزمنية المحدودة.

5-    يكون اختيار الجهاز التعليمي والإداري منسجما مع ما يحقق أهداف التعليم التي نص عليها في المواد السابقة في الخلق الإسلامي والمستوى العلمي والتأهيل التربوي.

6-    يشجع الطلاب الذين ينخرطون في سلك المعاهد والكليات التي تعد المعلم بتخصيص امتيازات لهم مادية واجتماعية أعلى من غيرهم .

7-    يوضع للمعلمين ملاك خاص ( كادر ) يرفع من شأنهم ويشجع على الاضطلاع بهذه المهمة التربوية في أداء رسالة التعليم بأمانة وإخلاص، ويضمن استمرارهم في سلك التعليم.

8-    تدريب المعلمين عملية مستمرة .. وتوضع لغير المؤهلين مسلكيا خطة لتدريبهم وتأهيلهم ، كما توضع للمؤهلين لرفع مستواهم وتجديد معلوماتهم وخبراتهم .

9-    يفسح المجال أمام المعلم لمتابعة الدراسة التي تؤهله لمراتب أرقى في مجال تخصصه ، وتضع الجهات التعليمية الأنظمة المحققة لهذا الغرض .



10-                       لا تقل مدة إعداد معلمي المراحل الابتدائية عن المدة اللازمة للحصول على شهادة الدراسة الثانوية، ويجري تطوير مرحلة إعداد المعلمات تدريجيا لتحقيق ذلك، ولا تقل مدة إعداد معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية عن المدة اللازمة للحصول على شهادة التعليم العالي ص 166- 167.

ويرى الباحثان أن سياسة إعداد المعلمين تحتاج إلى إعادة هيكلة وصياغة جديدة لموادها وبنودها ، ورؤية حديثة تتماشى مع مستجدات العصر والتطورات الحاضرة والمستقبلية، وسياسة إعداد المعلمين في المملكة العربية السعودية قديمة تحتاج إلى تغيير ، حيث إنها وضعت في عصر سابق له ظروفه وإمكاناته ومتطلباته ، أما الآن فاختلف الوضع واختلفت الظروف والإمكانات، لذا فالمسؤولون عن سياسة التعليم مطالبون بإعادة صياغتها بما يتماشى مع تطور العصر وتطور الأدوات والمفاهيم وخلاف ذلك .

وبما أن الحديث عن استراتيجيات الإعداد بكليات التربية ، فإنه من المستحسن أن نعرض نماذج لاستراتيجيات إعداد المعلمين لبعض كليات التربية في الجامعات السعودية ، حتى يكون التقرير أكثر واقعية وأقرب في التصور .

استراتيجية كلية التربية بجامعة الملك سعود :    http://www.ksu.edu.sa 

 الرؤية:   تحقيق التميز والريادة التربوية التي تسهم في بناء مجتمع المعرفة، لتصبح الكلية "بيت الخبرة" الأول على المستوى الوطني والإقليمي، وصولاً إلى مصاف كليات التربية ذات المكانة العالمية.

الرسالة :  إعداد التربويين المهنيين الذين يسهمون في بناء مجتمع معرفي قادر على المنافسة عالمياً، وذلك من خلال الارتقاء ببرامج الكلية ووحداتها المختلفة لإرساء مجتمع تعلم قائم على مستوى عال من الفاعلية، مع الاستجابة لتنوع احتياجات المجتمع ومشكلات الميدان التربوي وتحديات التنمية الشاملة بتقديم مبادرات للإصلاح التربوي، والتوظيف الأمثل للمعرفة والبحث والتقنية في ضوء القيم وحاجات المجتمع ووفقاً لمعايير الاعتماد الأكاديمي.

التربويون المهنيون (حسب تعريف جهة الاعتماد NCATE)،هم: الأفراد الذين يتم إعدادهم ليكونوا معلمين، أو المعلمين الذين يطورون قدراتهم المهنية في الكلية، أو الأفراد الآخرين الذين لهم دور مهني في المدرسة مثل القيادات التربوية، والأخصائيين النفسيين، ومختصي تقنيات التعليم، وأمناء المكتبات، وغيرهم من التخصصات المساندة.

الأهداف :

1 -إعداد وتأهيل التربويين المهنيين المتميزين المتفاعلين اجتماعياً والقادرين تقنيا، والمساهمة في استمرار نموهم المهني وفق قيم وحاجات المجتمع ومعايير الاعتماد الأكاديمي.

2 – تقديم نتاج بحثي تربوي متميز كماً ونوعاً، يسهم في تراكم المعرفة، ويطور الممارسات المهنية، ويعزز جهود الإصلاح التربوي، ويلبي احتياجات الميدان التربوي وتحديات التنمية.

3 –  تنمية المجتمع من خلال المساهمة في المبادرات والبرامج البحثية والتدريبية والاستشارية، في إطار من الشراكة الاستراتيجية مع المؤسسات المحلية والعالمية .

استراتيجية كلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز :     http://www.kau.edu.sa

رؤية الكلية  Vision of College :

مؤسسة أكاديمية تربوية رائدة محلياَ وعالمياً، تعمل بمهنية عالية لتحقيق تعليم متميز وتواصل علمي وبحثي لخدمة المجتمع.

رسالة الكلية Mission of College:

إعداد الكوادر التربوية وتأهيلها، وإكسابها الكفايات المتصلة بالمنظومة التعليمية، والارتقاء بالبحث العلمي، والإسهام في تنمية المجتمع.

أهداف الكليةObjective of College : 

1.  إعداد الكوادر المؤهلة للعمل في الحقل التربوي بكفاءة عالية بمراحل التعليم العام، وتقديم برامج الدراسات العليا في التخصصات التربوية المختلفة بالكلية، وتحديثها بما يخدم خطط التنمية في المملكة واحتياجات سوق العمل، ومواكبة التقدم العلمي والتقني والتفاعل الإيجابي مع التطورات الجارية في البرامج التربوية والأكاديمية والثقافية لكليات التربية في جامعات المملكة وخارجها.

2. تدريب المعلمين أثناء الخدمة، وتزويدهم بالمستجدات العالمية في مجال التربية والتعليم، وحثهم على التمسك بقيم التعليم مدى الحياة.

3. تحديث البرامج التعليمية بالكلية، وتقديم التأهيل التربوي للمعلم الجامعي، والإسهام في تطوير الجوانب المختلفة للنظام التعليمي.

4. تطوير العملية التربوية وتشجيع البحث التربوي والتعلم الذاتي، مع الحرص على تبادل الخبرات وتنسيق الجهود في مجال البحوث التربوية والنفسية مع المؤسسات التربوية على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي.

5. إجراء البحوث والدراسات التربوية التي تهدف إلى تطوير العملية التربوية، والاهتمام بالدراسات العليا التربوية ( الدبلوم، الماجستير، الدكتوراه ).

6. تقديم الاستشارات التربوية والتعليمية كبيت خبرة يعمل على تقنين معايير ومقاييس مكونات النظام التعليمي من مناهج وطرائق تدريس وإدارة تعليمية وأصول التربية المقارنة بالإضافة لتخصصات علم النفس والتربية الخاصة والتربية البدنية.

7. نشر الفكر التربوي المستمد من أصولنا الإسلامية والمنسجم مع آليات العصر ومتغيراته وتطوراته.

8. مواكبة التقدم العلمي والتقني والتفاعل الإيجابي مع التطورات الجارية في البرامج التربوية والأكاديمية والثقافية لكليات التربية في جامعات المنطقة وخارجها.

9. الإسهام في تقديم برامج الإعداد التربوي لأعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات العلمية بالجامعة، وتزويدهم بأبرز النظريات والتطبيقات التعليمية التي تمكنهم من أداء عملهم الأكاديمي بفاعلية وإتقان.

10. خدمة المجتمع من خلال الإسهام في أنشطته التربوية والثقافية، وتقديم المشورة الفنية في المجالات التربوية والنفسية للمؤسسات التربوية والاجتماعية.

11. المشاركة في تطوير التعليم الجامعي بالكلية، وفي الجامعة من خلال تنظيم برامج إعداد المعلم الجامعي، والإفادة من نتائج الدراسات والبحوث العلمية في تطوير البرامج التعليمية بالجامعة.

ولقد تعرضت كليات التربية وأقسامها لنقد شديد خلال القرن الماضي، ومن جوانب النقد التي وجهت غلبة النظرية على التطبيق في كثير من برامج الإعداد، ومن ذلك التقليدية وعدم كفاية وقت الإعداد، وطرق التدريس غير المهمة أو السيئة.

وتشكو كثير من البلدان العربية من نقص في الكفاءة المهنية للمعلمين ، ولذلك أسباب كثيرة منها : أسلوب اختيار المعلمين الجدد ، وتخلف طرق تأهيلهم ، وعدم مداومة تدريبهم ، وعدم توفر الحافز لديهم  وهذا يعني حاجتنا الماسة إلى تغيير جذري في سياسة تأهيل المعلم العربي ، والتخلص من الأساليب القائمة على التلقين واستبدالها بأساليب التعلم الجديدة .

الآراء ووجهات النظر حول استراتيجيات الإعداد بكليات التربية :

يشهد العصر الحالي تقدما سريعا وهائلا في مجال التقنية والمعلومات ، وهذا التقدم السريع يفرض نفسه على شتى مناحي الحياة ولا سيما التربية والتعليم .

وفي ظل هذه التطورات المتلاحقة والسريعة تبرز أهمية تطوير النظام التعليمي ، لما لهذا التطوير من أثر على الأفراد في سلوكهم وفي حياتهم وفي تنمية عجلة الحياة في المجتمع .

ويعتبر المعلم أهم عناصر العملية التعليمية ، حيث بجودة تعليمه وتهيئته في مؤسسات الإعداد تتحقق الأهداف المرجوة ، لذا كان لابد على المؤسسات القائمة على إعداد المعلمين - ونعني بها في الوقت الحاضر كليات التربية - أن تعنتي ببرامجها عناية فائقة، كي  تخرج للمجتمع معلمين من طراز متميز ، يحققون غايات المجتمع ، وذلك من خلال تعليم النشء وإكسابه القيم والأخلاق والاتجاهات الصالحة .

إن على كليات التربية أن تطور من استراتيجياتها تبعا للتغيرات السائدة في المجتمعات من انفتاح ثقافي وتقدم تكنولوجي وتزايد في المعلومات ، و يشير ( الصيرفي ، 2006م )  إلى أن هناك عوامل ساعدت على التغيير في استراتيجيات إعداد المعلمين ، ومنها :

-  التقدم الكبير في مجال العلوم التربوية والنفسية.

-  الوعي المتزايد بدور التربية في تقدم المجتمعات ، مما دفع بمطالبتها بمسؤوليات جديدة للتمكن من الاستجابة للمتغيرات العالمية الجديدة .

-  ضعف القناعة في قدرة المعلمين المعدين بالأساليب التقليدية على أداء الأدوار المطلوبة منهم في ظل التغيرات الحاصلة .

-  سرعة التغيير وشدته ، مما أدى إلى تقادم المعرفة ، وانخفاض مما اكتسب من كفاءات سابقا وضرورة تطويرها  ص  599 .

وعلى الرغم من ذلك نجد بعض كليات التربية تسير وفقا لتصورات قديمة ، ويستثقل المسؤولون فيها التغيير ، وإن حصل ذلك فهو مجرد شعارات ونظريات أكثر منها تطبيقا .

وقد طرح كثير من الباحثين استراتيجيات وتصورات مستقبلية تساعد في تطوير عملية إعداد المعلمين  ، حيث يقترح ( عبيد ، 2006م ) استراتيجية لإعداد المعلم مبنية على التصور التالي : 

1- تحديد معايير علمية وتربوية وثقافية وصحية ، ملائمة لانتقاء الطلاب المعلمين تمكن من ترغيبهم بعلمهم ، وتحفيزهم لتطوير ذاتهم وخبراتهم.  

2-  الاهتمام بالإعداد المسبق للمعلم في جميع مراحل التعليم ، وبخاصة في كليات التربية ولمدة خمس سنوات ، بحيث تكون السنة الأخيرة للتدريب الميداني .

3-   أن يتوافر في مؤسسات إعداد المعلم برامج تربوية محكمة البناء أكاديميا وتطبيقيا ، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال تحسن مستوى البحث والتجريب والتطبيق التربوي .

4-  إدخال مقررات جديدة في تقنية المعلومات وطرق استخدام التقنيات الحديثة في التعلم ضمن مناهج إعداد المعلمين .

5-  وضع خطة زمنية لإعادة تأهيل المعلمين القدامى في كليات التربية ، وفي مراكز التدريب ، وذلك في إطار خطة متكاملة للتجديد التربوي .

6- وضع آلية ثابتة لتقويم أداء المعلم من قبل المتخصصين في القياس والتقويم التربوي ص 265- 266

ويرى ( عبدالسميع وحوالة ، 2005م) أنه لابد من تطوير سياسات واستراتيجيات الإعداد لكليات التربية وفقا  لتصور الآتي :

1-     جعل فترة الدراسة بكليات التربية خمس سنوات في النظام التكاملي ، على أن يخصص 75% منها للإعداد التخصصي ، و20% للإعداد التربوي ، و5% للإعداد الثقافي .

2-     التوسع في النظام التتابعي في كليات التربية ، حيث يقبل من خريجي الكليات المختلفة لدراسة المواد التربوية خلال عام أو عامين دراسيين للحصول على دبلومات التربية .

3-     إعداد الطالب المعلم في كليات التربية الإعداد الصحيح الشامل المتزن من جميع جوانبه خلال سنوات دراسته والاهتمام بإدخال التكنولوجيا الحديثة بكليات التربية، والاهتمام بتعليم اللغات الأجنبية ص22. 

وفي ندوة إعداد المعلم في دول الخليج العربي  (1984م ) مع أنها قديمة ، لكنها تحمل في طياتها بعض التوصيات المهمة:

1-    أن تضع دول الخليج العربي في خططها العمل على ألا يقل مستوى الإعداد العلمي والمهني للمعلم في جميع المراحل التعليمية عن الشهادة الجامعية .

2-     أن تحرص مؤسسات إعداد المعلم على تبني أساليب فعالة لاجتذاب وانتقاء أفضل العناصر لمهنة التعليم .

3-      أن تولي مؤسسات إعداد المعلم عناية خاصة بالتربية العملية والتطبيق العملي في المدارس كمكونات هامة في إعداد المعلم ، مع الاهتمام باختيار العناصر الإشرافية الجديدة .

4-     أن تعمل مؤسسات الإعداد على توفير الحوافز الضرورية المشجعة على اجتذاب أفضل الطلاب إليها .

5-     أن تقوم مؤسسات إعداد المعلم بمتابعة خريجيها في الميدان لتطوير برامجها المهنية والتدريبية في ضوء تجاربهم الميدانية وممارساتهم الميدانية  ص 95- 102 .

وأشار ( الصيرفي ، 2006م ) إلى بعض التصورات المستقبلية التي قد تسهم في زيادة فاعلية إعداد المعلمين في المملكة العربية السعودية، ومنها:

1-     ألا تقتصر وظيفة كليات التربية على الإعداد، بل تشمل التدريب والتطوير في كافة المجالات التربوية.

2-     بذل كل الجهود في إعداد معلم المستقبل إعدادا يجعله مواطنا صالحا بدينه ووطنه.

3-    غرس مبادئ وقيم وأخلاقيات وآداب المهنة في نفوس معلمي المستقبل، ليكونوا قدوة حسنة لتلاميذهم ونموذجا طيبا لهم ص 624 .

كما عرض كل من ( المفرج والمطيري وحمادة ، 2006م ) بعض التصورات المستقبلية في إعداد المعلم وتنميته مهنيا ، والتي جاء فيها :

1-    اختيار وانتقاء أفضل العناصر الملائمة للالتحاق بمؤسسات إعداد المعلمين .

2-    ضرورة أن تمتلك كليات التربية رؤية استراتيجية واضحة ، وأطر مفاهيم حاكمة لعمليات إعداد المعلمين وموجهة للبرامج في مختلف التخصصات .

3-    أن يتم الاعتماد على التعلم الذاتي، بحيث يكون على المتعلم القيام بالعبء الأكبر في البحث والدراسة.

4-    تنمية معرفة المتعلم بأساسيات البحث العلمي، والقدرة على استعمال مناهجه ووسائله وأدواته في إنتاجهم البحثي.

5-     إدخال مقررات جديدة في المعلومات وطرائق استخدام التقنيات الحديثة في التعليم.

6-     إعادة النظر في أهداف مؤسسات إعداد المعلمين ، بحيث تهتم بالمستجدات الحديثة في المجال التربوي ، والاطلاع على الاتجاهات العالمية المعاصرة في إعداد المعلم ، وترجمتها إلى أنماط سلوكية .

7-     إعطاء مزيدا من الاستقلالية لمؤسسات إعداد المعلمين في وضع سياستها وخططها وبرامجها، حتى يمكن أن تحقق أفضل مردود ممكن.

8-     بناء مدارس تجريبية تكون ملحقة بكل كلية من كليات التربية لممارسة المنهجيات والتجارب الجديدة في التدريس. 

9-     إنشاء مراكز تدريب للمعلمين تتبع لكليات التربية، بحيث تشرف عليها وتنظم برامجها، بالتواصل مع الجهات المعنية ص 113-114 .

 وخلاصة القول : أنه يجب على كليات التربية تحديث وتطوير استراتيجيات الإعداد فيها ، وألا تركن إلى الجمود في مواد أو بنود الاستراتيجيات المعدة ، بل عليها أن تجدد وفقا للاتجاهات العالمية السائدة ، وحسب حاجات المجتمع وأفراده المتجددة ، من خلال لجان متخصصة في هذه الكليات تقوم على دراسة الأدب التربوي الخاص بإعداد المعلمين ، ومتابعة البحوث والدراسات الحديثة والاستفادة من نتائجها ، وبهذا تضمن الساحة التربوية المخرجات التعليمية المتميزة من المعلمين الذين يقومون بأدوارهم بكل مهنية وتميز.  

التعليق على ما سبق والنتائج التي تم الوصول إليها :

تبرز الحاجة إلى التطوير في استراتيجيات الإعداد بكليات التربية مع هذا النمو المعرفي والتقني الذي يسير بوتيرة سريعة ، وينبغي أن تبنى استراتيجيات إعداد المعلمين بكليات التربية على قاعدة متينة يستند إليها من خلال نتائج البحوث والدراسات ، والاتجاهات العالمية الحديثة في إعداد المعلم ، في ضوء قيم وحاجات المجتمع .

وفي ضوء ما سبق إيراده من مواد لسياسة إعداد المعلمين في المملكة ، وما ذكرناه كذلك من نموذجين من كليات التربية في الجامعات السعودية في وضعها لاستراتيجيات الكلية في مختلف النواحي التربوية بشكل عام ، وفيما يخص إعداد المعلمين بشكل خاص ، فإننا نخلص إلى النتائج التالية :

-         سياسة إعداد المعلمين في المملكة العربية السعودية قديمة في موادها وتحتاج إلى تغيير ،  وهي في كثير من موادها مخالفة لما هو كائن الآن في اللوائح والأنظمة الخاصة بالنظام التعليمي ، أو كثيرا من موادها مجرد كلام على الورق وليس واقعا يعمل به ، ونضرب على ذلك بعض الأمثلة : في المادة التي تذكر : "تولي الجهات التعليمية المختصة عنايتها بإعداد المعلم إعدادا علميا ومسلكيا لجميع مراحل التعليم حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي وفق خطة زمنية" .

ونقول: في الحقيقة ليس هناك جدولة زمنية معينة للاكتفاء الذاتي في تخصصات ما ، وإنما العملية تسير خبط عشواء فلا يوجد تخطيط ولا تنظيم ولا تنسيق بين وزارة  التربية والتعليم والكليات التربوية في هذا الشأن .

ومثال آخر ، في المادة التي تذكر : "يفسح المجال أمام المعلم لمتابعة الدراسة التي تؤهله لمراتب أرقى في مجال تخصصه ، وتضع الجهات التعليمية الأنظمة المحققة لهذا الغرض"  ، ونظام وزارة التربية والتعليم في الوقت الحالي لا يسمح للمعلم إكمال الدراسات العليا إلا في تخصصات تربوية محددة ، ومعنى ذلك أن هذه المادة لا يعمل بها .

-         كذلك يلاحظ أنه ليس هناك تقاطع وخط مشترك بين سياسة إعداد المعلمين التي وردت في وثيقة التعليم العامة وبين استراتيجيات الكليات التربوية ، وفي حقيقة الأمر لا ملامة على الكليات في ذلك ما دامت سياسة إعداد المعلمين بهذا الوضع المتهالك .



-         وإذا انتقلنا إلى استراتيجيات كليات التربية وما عرض من نموذجين ، - فيلاحظ عليها أنها عامة ولم تفصل في جانب إعداد المعلمين ، ومما يلاحظ كذلك أنها لم تترجم إلى مؤشرات تفصيلية في شتى المحاور سواء في إعداد المعلمين ، أو البحث التربوي ، أو خدمة المجتمع .



-         وفي ضوء ما سبق يمكن القول أن كليات التربية بدأت تخطو خطوا حثيثا في وضع استراتيجيات لها تحقق التطلعات ، وهي لا زالت في بداية الطريق ، لذا فهي تحتاج إلى إرادة قوية من المسؤولين فيها وعمل دؤوب وتخطيط علمي ، ومما ينقص كذلك التفصيل والتوضيح في الاستراتيجيات ، فلا تكفي الأطر العامة والأفكار الرئيسية ، بل يجب أن تضع الكليات التربوية مؤشرات لكل فكرة تعبر عن منهج والآلية والطريقة التي يعمل بها .

التوصيات :

بناء على النتائج التي وردت ، فإن الباحثان يوصيان بالتوصيات التالية :

1-     سياسة إعداد المعلمين في المملكة العربية السعودية قد أكل الزمن عليها وشرب ، لذا فهي تحتاج إلى تغيير جذري في جميع موادها بما يتفق مع خطط التنمية في البلاد ، ووفقا لأهم الاتجاهات العالمية في هذا الجانب ، في ضوء حاجات المجتمع وأفراده ، ولا بد أن تخضع للتحديث بعد كل فترة زمنية محددة ، لا أن تبقى جامدة .      

2-    أن تكون الخطة الاستراتيجية للإعداد في كليات التربية  واضحة ومعلنة ومبنية على جداول زمنية تخضع للإشراف والمتابعة والتقويم .

3-    ضرورة إعادة صياغة استراتيجية الإعداد في كليات التربية ، وفقا  لمراحل زمنية محددة ، وكذلك الاستفادة مما توصلت إليه البحوث والدراسات  في مجال إعداد المعلم  .

4-    أن يكون بناء الاستراتيجية في كلية التربية مبني على الأهداف العامة لفلسفة إعداد المعلم بحيث تراعي التغيرات الكبيرة التي تحدث في هذا الوقت و التي تغيرت فيها كثير من الأيدولوجيات و السياسات بسبب ما أحدثه التقدم المعرفي  والتقني .

5-    أن يشارك في بناء  الاستراتيجية عدة جهات مسئولة في التربية من معلمين ومشرفين وخبراء التربية وعلم النفس والاجتماع .

6-    لا بد أن تقوم استراتيجيات الإعداد التي وضعت ، هل تم تحقيقها ؟ هل عمل بما في موادها ؟ ومن الأفضل أن يكون التقويم من جهة خارجية محايدة .



وفي الختام نتمنى أن نكون قدمنا تصورا واضحا حول استراتيجيات الإعداد بكليات التربية ، والله نسأل أن يوفقنا لكل خير ، وأن يبعدنا عن كل شر ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

    





                                        































المراجع



1-      الأحمد ، خالد طه (2004م ) : إعداد المعلم وتدريبه . دمشق . منشورات جامعة دمشق .

2-      جرجس ، ميشال جرجس (2005م ) : معجم مصطلحات التربية والتعليم . بيروت . دار النهضة . ط1 .

3-      الحقيل ، سليمان عبدالرحمن ( 2003م ) : نظام وسياسة التعليم في المملكة العربية السعودية . الرياض . حقوق الطبع محفوظة للمؤلف . ط15 .

4-      الصيرفي ، محمد عبدالوهاب ( 2006م ) : تصور مستقبلي لإعداد معلم المرحلة الابتدائية في المملكة العربية السعودية . مصر . مجلة كلية التربية . العدد الخامس والثلاثون . جامعة طنطا . ص ص 596- 634

5-      عبيد ، جمانة محمد ( 2006م ) : المعلم إعداده تدريبه كفاياته . عمان . دار صفاء . ط1 .

6-      عبدالسميع ، مصطفى و حوالة ، سهير محمد ( 2005م ) : إعداد المعلم تنميته وتدريبه . عمان . دار الفكر . ط1 . 

7-      كلية التربية بجامعة الملك سعود http://www.ksu.edu.sa    . تاريخ الدخول على الموقع 28/4/1433هـ .

8-      كلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز  http://www.kau.edu.sa  . تاريخ الدخول على الموقع 1/5/1433هـ

9-      مجدي ، عزيز إبراهيم ( 2009م ) : معجم مصطلحات ومفاهيم التعلم والتعليم . القاهرة . عالم الكتب . ط1 .

10-    ندوة إعداد المعلم بدول الخليج العربي. الدوحة . المنعقدة من 4-9 / 1 / 1984م.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق