السبت، 14 أبريل 2012


مقدمة

الشرود الذهني مشكلة يشكو منها الكثير من الناس،فهذه المشكلة تتفاقم كلما تقدم العمر وكثرت مشكلات الحياة، وهي مشكلة تعطل أفضل قوى الإنسان التي يتميز بها على سائر المخلوقات وهي العقل والفكر وكثيرا ما يتعرض الفرد في محيطه الى العديد من القضايا والمشاكل التي تؤثر سلبيا على أدبياته وسلوكياته لولا أن ملكة العقل تتصدى لها بما تملكه من قدرات معرفية وذهنية وحسية بحيث لاتؤدي بالتالي الى خروج الفرد من الأبعاد الكامنة لوجوده ككائن حي في المجتمع, وتتفاقم حدة هذه المشاكل في حالة تعطل قابلية ملكة العقل للتصدي لها حين تقع هذه الملكة تحت وطأة مشكلة الشرود الذهني. وهي تعد في الوقت نفسه مشكلة عامة كثيراً ما يشكوا الناس منها بسبب تعطل أفضل قوى الإنسان التي ميزها الله عن سائر المخلوقات وهي العقل أو الفكر, لأنه كلما زادت هذه المشكلة قلت انتاجية الفرد وتحددت طاقته الابداعية.

وهذه المشكلة وإن كانت أكثر بروزا لدى المتقدمين بالعمر بيد أن تأثيراتها الجانبية أشد وطأة لدى الطلبة, لكونها تعد أكثر العوامل ارتباطا في اعاقة العملية التعليمية في المجتمع وما تخلفه هذه المشكلة من خلق علاقة تضاد بين ما يتلقاه الطالب من ذلك الكم الهائل من المعلومات وقدرة الطالب الذهنية على استيعاب أبعاد تلك المعرفة.

وتزداد حدة التنافر بين القدرة الذهنية للطالب على الاستيعاب وبين ما يتلقاه من معلومات والاحداث بتنامي مشكلة الشرود الذهني لديه حتى انها تؤدي بالتالي الى ايقاف الدافعية الكامنة لدى الطلبة الى التعلم والتي تعد الطاقة أو المحرك التي تدفع الطلبة الى الانخراط في العملية التعليمية ,وأن كان هناك العديد من العوامل التي تتمخض عنه مشكلة الشرود الذهني .

وللمدرسة دور فعّال في تنمية قدرات الطفل وتكوين شخصيته، لذلك فإن أي خلل في وظائف تلك المؤسسة يؤدي إلى تفاقم مشكلة عدم التركيز لدى الطفل، وخاصة إذا تولّد شعور لديه بالخوف بسبب قساوة بعض المربّين، أو ضخّ المعلومات بطريقة مكثّفة لا يستطيع دماغ الطفل استيعابها.فكثيرا ما يكون المدرس احدى العوامل الرئيسة التي تعمل على تفعيل قابليات التشتت الذهني لدن الطلبة الذين يعانون من مشكلة الشرود الذهني والتي تقاس على الطريقة التي يتبعها اثناء أدائه مهامه التدريسية حين يلجأ الى الأساليب التقليدية التي تتمثل في طريقة الأداء أو الألقاء اللفظي للدرس والتي تحول دون إشراك الطلبة عامة وذوي الشرود الذهني خاصة ضمن مسار الفلك التعليمي المتمثل بالتجاوب الاكاديمي والتفاعل بين الطالب والدرس داخل اطار الأسئلة والأجوبة التي تنمي قابليات ومهارات الطلبة وتؤدي بالتالي الى تنمية أفكار الطالب وتشد من قدرته الذهنية نحو الدرس.

فضلا عن مراعاته الفروق الفردية اثناء التدريس والعوامل التنافسية التي غالبا ما يبرز معها الطلبة ذوي القدرات المتفوقة واستخدامه للوسائل التعليمية التي تسهم في جذب انتباه الطالب للدرس وتضعف من قابلياته على الاستجابة السريعة للمؤثرات الخارجية التي تشتت تفكيره بحيث تؤدي وفق ذلك الى شحن التركيز الذهني لدى الطلبة الذين يعانون من مشكلة الشرود الذهني. ناهيك عن العامل الانساني الذي يؤدي دور لايستهان به في معالجة هذه المشكلة من حيث تقديم النصح والمشورة للطلاب ومساعدتهم في تنظيم اوقات الفراغ وتبصيرهم بالخصائص النفسية والعقلية كل ذلك يسهم بلا شك في تعزيز الثقة بالنفس وبالتالي تفعيل ظاهرة التركيز الذهني لدى الطلبة.(الشرود الذهني ,زاهده طه)



أهمية الموضوع:

الشرود الذهني مشكلة يعاني منها عدد كبير من الأطفال، وهذه المشكلة عوارض مختلفة ومتنوعة، يشعر الأهل إزاءها بعجز كبير، فهي تؤثر على يوميات الصغير وعلى أدائه المدرسي.

وأظهرت دراسة علمية حديثة أن الشرود الذهني لا يجعل الإنسان سعيداً بل يجعله تعيساً.

ويقول علماء نفس من جامعة هارفارد الأمريكية في دراسة نشرتها اليوم صحيفة ديلي تلغراف البريطانية إننا نصبح سعداء أكثر عندما نعيش اللحظة الراهنة لا عندما نهجر الواقع مشيرين إلى أن أحلام اليقظة والتفكير الزائد بالمستقبل ونبش واستحضار الماضي يستغرق حوالي نصف الساعات التي يمضيها الإنسان متيقظاً.

وأوضحت الدراسة أن الأذهان تمضي شاردة بمعدل 9ر46 بالمئة من وقت اليقظة.

ويؤكد البروفيسور دانيال غيلبرت وزميله البروفيسور ماتيو كيلينغز وورث من المشاركين في الدراسة انه يمكن للمرء أن يستمتع بحياته وان يقضيها مرتاح البال بشكل أكبر عندما يركز على أمر ما بحد ذاته حتى أكثر من الوقت الذي يمضيه مع أحلام يقظة وإن كانت تدور حول أشياء بهيجة في حياته.

واعلم أن اكتساب صفة التركيز الذهني تعود على الإنسان بأعظم الفوائد في حياته يقول أحد علماء النفس المشهورين هلفتيوس : ليست العبقرية أكثر من تركيز الذهن.
يقول [ أ.ج . جريس ] أهم رجال الصناعة البارزين: ( أن صب الاهتمام في العمل أو المشكلة التي قيد البحث ثم نسيان الأمر بتاتا بمجرد حسمه والوصول الى قرار فيه ، بحيث تستعيد قوة تركيز ذهنك كاملة غير منقوصة من أهم الأسباب المؤدية إلى النجاح في الحياة ).

وقال فليبيس بروكسل: ( إن حصر الاهتمام هو أول مقومات العبقرية ).

ولقد كانت القرون الأولى من هذه الأمة شديدة التفوق في تركيز الذهن فيما هو نافع ومفيد ومن أشد المجالات التي اتضحت فيها قدراتهم الهائلة على التركيز خشوعهم في الصلاة.

قيل لبعض السلف: هل تحدث نفسك بشيء من الدنيا في الصلاة ؟

فقال: لا في صلاة ولا في غيرها.

وقال ميمون بن مهران: ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتا في صلاة قط ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدتها وإنه لفي المسجد يصلي فما التفت. وقد روي أن عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما كان يصلى في جوف الكعبة وهو محاصر بجيش عبد الملك بن مروان الذى يسدد ضرباته بالمنجنيق فمرت فلقة من حجر عظيم بين لحيته وحلقه فما زال رضي الله عنه عن مقامه ولا ظهر على صورته هم ولا اهتمام.

و روي عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه أنه قال عن نفسه أنه ما نام فحلم ولا سهى فغفل , فإذا كان هذا هو شأن سلفنا الصالح وكان ذلك هو شأن التركيز فلننهض محاولين أن نلحق بالركب الصالح الذين ربوا أنفسهم وأولادهم على التركيز المفلح عسى أن نكون من الفائزين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق