السبت، 14 أبريل 2012

 بحث بعنوان الملاحظة

الملاحظة
 تعتبر الملاحظة أداة من أدوات البحث العلمي، تعتمد عل المشاهدة المباشرة دون المشاركة أو التدخل فيما يقوم به  المبحوثين أو المشاهدة غير المباشرة عن طريق الأجهزة المرئية والمسموعة في رصد الظواهر ووقائع الأحداث سواءً فيما يتعلق بالسلوك الفردي أو الجمعي.

مفهوم الملاحظة:
تعرف الملاحظة بأنها: مراقبة ورصد كل المناشط السلوكية وغير السلوكية في الوضع الزماني والمكاني الذي يحدث فيه. ويمكن تعريفها على أنها: نشاط يقوم به الباحث خلال المراحل المتعددة التي يمر بها في بحثه فهو يجمع الحقائق التي تساعده على تعيين المشكلة وتحديدها، وذلك عن طريق استخدامه لحواس السمع والبصر والشم والإحساس والتذوق، والملاحظة اليقظة الماهرة تكشف للباحث الدلائل والمؤشرات التي تمكنه من بناء حل نظري لمشكلة البحث التي هو يصدرها.

الشروط اللازمة للملاحظة الجيدة:
لما كانت الملاحظة عنصراً أساساً في عملية البحث العلمي كان لزاماً على الباحث أن يتعلم كيف يوفر في نفسه وفي المكان الذي يعمل فيه الشروط اللازمة التي تمكنه من التوصل إلى الحقائق التي يوثق بها. ولذلك فإن العوامل النفسية الأربعة والمتضمنة في الملاحظة الجيدة هي:
الانتباه ، والإحساس ، والإدراك ، والتصور الذهني.




1-الانتباه:
ويعني اليقظة والحضور الذهني ويطلق عليه سيكولوجياً (بؤرة الشعور) وهو حالة تأهب عقلي، يباشرها الفرد لكي يحس أو يدرك وقائع أو ظروف أو أشياء منتقاة.
ومن هنا كان لزاماً على الباحث أن لا يبحث عن الوقائع التي تؤيد نظريته فحسب، بل يكون يقظاً لاكتشاف الحقائق غير المتوقعة.
ولا يسعى الباحث إلى ضبط العوامل الشخصية التي تؤثر على الانتباه، بل يضبط أيضاً الخصائص الخاصة بموضوع الدراسة والتي تحول دون الملاحظة الفاعلة، فالإنسان مثلاً لا يستطيع أن يركز انتباهه بنجاح على الأشياء أو الأحداث التي تتصف بدرجة غير عادية من عدم الثبات أو التميُع، كذلك الظواهر التي تتصف بدرجة بالغة من الكبر أو الصغر أو التفلت أو عدم الانتظام.
2-الإحساس:
ويعني استخدام الحواس في الملاحظة بشكل جيد وسليم. حيث تعتمد دقة الملاحظة على حدة الإحساسات، إلا أن الأحاسيس محدودة، فحواس الإنسان ليست أدوات يوثق بها للحصول على مقاييس دقيقة للمسافة أو السرعة. كما يؤدي الاستعانة ببعض الحواس إلى التقليل من القدرة على ملاحظة الظواهر ملاحظة دقيقة، ولذلك يمكن الباحث أن يستخدم أدوات مبتكرة حتى بوسع من مدى ملاحظته ومقدار وضوحها.
فإذا ما أراد باحث في التربية أن يدرس ظاهرة الغش بين التلاميذ ينبغي عليه أن يحرص على ملاحظتهم من مكان غير ظاهر للعيان.
بحيث يتجنب المثيرات الحسية المتضاربة، ويتحقق منه أنه لا توجد عوائق بينه وبين الرؤية الواضحة لمادة بحثه.


3-الإدراك:
وهو عملية عقلية لتفسير ما حصلنا عليه من مؤثرات عن طريق الحواس المختلفة أثناء الملاحظة، بناء على الخبرات السابقة. والإدراك ذا المعنى هو فن الربط بين ما يحسه المرء خالياً وبين خبراته السابقة، وبالتالي يعطي للإحساس معنى. ومن هنا كان لزاماً على الباحث المدرك عندما يقوم بتسجيل بياناته فإنه يضمنها كل التفصيلات الهامة عن الظواهر والأجهزة التي استعان بها والإجراءات التي اتبعها والصعوبات التي واجهته، ولا يسجل انطباعات عامة بل بل يكتب وصفاً دقيقاً عن كل ما أرشدته عنه حواسه من سمع وبصر وشم.
4-التصور الذهني:
ويعني التنبؤ أو استشراق المستقبل ووضع تخمينات محتملة الحدوث، فالباحث يستطيع أن يتغلب على قصور الخبرات الإدراكية عن طريق بناء التصورات الذهنية (فروض ونظريات).
تزوده بتوجيهات جديدة لملاحظة المشكلة التي يتصدى لها البحث.
* يقوم العالم بالملاحظة لكي يتوصل إلى الحقائق، ولكن ما هي الحقائق؟
الحقائق ليست شيئاً واضحاً بذاته، ولكنها بيانات يكتشفها العالم بالبحث الهادف ولا تتساوى الحقائق في ثباتها ودقتها وكيفية الحصول عليها.







مستويات الحقائق:
-المستوى الأول: وتعرف الحقائق فيه عن طريق الخبرات الحسية المباشرة أ والإدراك المباشر بــ (الحقائق البحتة) أو الحقائق الأكثر واقعية.
§  المستوى الثاني: وتعرف الحقائق فيه عن طريق وصف أو تفسير خبراته المباشرة، مجرد خبرة خام.
§  المستوى الثالث: وهنا يتعرف على الحقائق عن طريق قيامه بعملية استدلال على درجة عالية من التجريد.
وهذا المستوى للحقائق هو أكثرها تجريداً وتصويرية بطبيعة الحقائق الخالية من الخبرات الحسنة، فلا يمكن ملاحظتها عن طريق الحواس ملاحظة مباشرة.
وتكون مدعمة بأدلة تجريبية كافية تثبت وجودها ومن ثم يمكن قبولها كحقائق مثل قضية (كروية الأرض).

التنبؤ بالحقائق:
التعميم على البيانات يساعد المرء على التنبؤ بوجود حالات غير ملاحظة تتفق معه.
مثال: عندما يتعلم الأطفال مهارة لعب الكرة الطائرة يحدث كثير من التحسن أثناء مراحل التعلم الأولى. وعلى أساس هذه النظرية يمكن للمرء أن يتوقع أن تلاميذ فصل بالمرحلة الأولى، يتعلمون هذه المهارة سوف يحققون طفرة في التحصيل أبان فترات التدريب الأولى.

اختبار النظريات عن طريق الحقائق:
تعتبر الحقائق أمراً ضرورياً لصياغة نظرية علمية فهي تحدد ما إذا كان من الممكن تأييد نظرية، أو ينبغي رفضها أو إعادة صياغتها وقد لا تكون الحقائق متوفرة بشكل مباشر لتأييد نظرية أو دحضها إلا أنها ضرورية بالنسبة للتقبل أو الرفض النهائي لها.

أنواع الملاحظة:
يمكن تصنيف الملاحظة إلى أنواع وأشكال مختلفة حسي الأساس الذي يعتمد للتصنيف فيها كما يلي:
1-ملاحظة مباشرة: وفيها يقوم الباحث بملاحظة سلوك معين من خلال اتصاله مباشرة بالأشخاص أو الأشياء التي يدرسها.
2-ملاحظة غير مباشرة: حين يتصل الباحث بالسجلات والتقارير والمذكرات التي أعدها الآخرون.
مثال: حين يقوم الباحث بملاحظة عدد من العاطلين عن العمل فإنه يقوم بملاحظة غير مباشرة، ولكنه يدرس تقارير وزارة العمل عن العمال فإنه يقوم بملاحظة غير مباشرة.
ويمكن تصنيف الملاحظة إلى نوعين:
1-ملاحظة محدودة: حين يكون لدى الباحث تصور مسبق عن نوع من المعلومات التي يلاحظها أو نوع السلوك الذي يراقبه.
2-ملاحظة غير محدودة: حين يقوم الباحث بدراسة مسحية للتعرف على واقع معين أو لجمع المعلومات والبيانات.
ويمكن تصنيف الملاحظة إلى:
1-ملاحظة بدون المشاركة: وفيها يقوم الباحث بإجراء ملاحظاته من خلال القيام بدول المتفرج أو المراقب.
2-ملاحظة بالمشاركة: وفيها يعيش الباحث الحدث نفسه ويكون عضواً في الجماعة التي يلاحظها.
مثال: الباحث الذي يمثل دور السجين ويعيش بين المسجونين لدراسة سلوكهم فإنه يقوم بملاحظة المشاركة.
وأما الباحث الذي يدخل السجن كباحث فإنه يقوم بملاحظة عادية دون مشاركة.
ويمكن تصنيف الملاحظة إلى:
1-ملاحظة مقصودة: حين يقوم الباحث بالاتصال الهادف بموقف معين أو بأشخاص معينين لتسجيل مواقف معينة.
2-ملاحظة غير مقصودة: حين يلاحظ الباحث عن طريق الصدفة وجود سلوك ما.

إجراءات الملاحظة:
تتطلب الملاحظة الناجحة اتخاذ الإجراءات التالية:
أ) تحديد مجال الملاحظة وبيان مكانها وزمانها وفقاً لأهداف الدراسة.
ب) إعداد بطاقة ملاحظة يسجل عليها المعلومات التي يلاحظها الباحث بحيث تشمل بطاقة الملاحظة أنماط السلوك المتوقع ملاحظته.
ج) التأكد من صدق الملاحظة، وذلك عن طريق إعادتها أكثر من مرة وعلى فترات متباعدة، أو عن طريق المقارنة مع ملاحظة أخرى.
د) تسجيل ما يلاحظ أثناء الملاحظة، ولا يجوز أن يؤجل تسجيل الملاحظات إلى ما بعد انتهاء الملاحظة، فقد ينسى تسجيل بعض المظاهر الهادفة.
وقد يقوم بعض الباحثين أحياناً في الملاحظة باستخدام أدوات تسجيل كالكاميرات وأشرطة التسجيل وغيرها، إلا أن ذلك يجب أن يتم بعناية وبموافقة الأشخاص الذين سنلاحظهم، لأنهم قد يرفضون ذلك، أو قد يغيرون من سلوكهم أثناء الملاحظة.








أساليب وطرق تحسين عملية الملاحظة:
هناك جملة من الأساليب والطرق التي يمكن من خلالها تحسين عملية الملاحظة وهي كالتالي:
1-تجميع المعلومات المختلفة والمرتبطة بالدراسة بشكل دقيق.
2-الابتعاد عن التحيزات الشخصية والعاطفية والتخلص منها ومحاولة فهم الآخرين بشكل موضوعي وواقعي.
3-الاستعانة بالأجهزة العلمية ما أمكن ذلك.
4-الاسترجاع الصحيح للمعلومات وقت الملاحظة وعدم التـأخير أو التسويف.
5-الوصف الحسي للموضوع المراد دراسته: بمعنى التعريف الإجرائي لمصطلحات البحث.
6-التمرين الدقيق على تجميع المعلومات، والتطبيق القبلي للأداة وتجريبها، من أجل اكتشاف الأخطاء وتنميقها.
7-إيجاد طريقة كمية لتحويل الظاهرة المقاسة إلى مجموعة من الأرقام: بمعنى تحويل المفاهيم المجردة إلى مجموعة من الأرقام والمتغيرات.

 متغيرات الملاحظة:
المتغير هو: مفهوم مجرد تم تحويله إلى مجموعة أرقام.
ويمكن تقسيم المتغيرات إلى التالي:
أ) متغيرات مستقلة وتتكون من:
§       متغير مستقل نشط (قابل للمعالجة).
§       متغير مستقل غير نشط (غير قابل للمعالجة).
ب) متغير تابع.
ج) متغيرات دخيلة (يتم ضبطها).
مثال: تأثير طرق التدريس على التحصيل الدراسي.

                 متغير مستقل                متغير تابع
               نشط (قابل للمعالجة)
مثال: تأثير الاتجاهات على التحصيل الدراسي.

             متغير مستقل                   متغير تابع
               غير نشط (قابل للمعالجة)
ويمكن للمتغيرات المستقلة أن تكون في دراسة أخرى متغيرات تابعة وهكذا، لأن المسميات نسبية.
وفي الدراسات الارتباطية يكون المتغير المستقل (×) هو المستخدم في التنبؤ.
والمتغير التابع (y) هو المتغير المتنبأ به.

متغيرات الملاحظة:
هناك نوعان من المتغيرات الأساسية والتي تحكم استخدام الملاحظة كأداة بحثية وهي:
أ) متغيرات على مستوى الحقائق: وهي متغيرات وصفية، تعتمد على الملاحظة المباشرة في وسف الحقائق الظاهرة للعيان، سواء كانت حقائق لفظية أو غير لفظية.
ب) متغيرات استدلالية: وهي متغيرات استنتاجيه تقويمية تتطلب من الباحث أن يستنتج الخاصية قبل تسجيل المتغير.




الأدوات المستخدمة في الملاحظة:
هناك مجموعتين من الوسائل والأدوات التي يمكن استخدامها في الملاحظة بشكل عام أهمها:
أ) أنموذج الملاحظة.
ب) الاستمارات القياسية.
ج) الوسائل السمعية أو السمعية والبصرية أو التصوير الفوتوغرافي.

مزايا وحدود الملاحظة:
يتميز استخدام الملاحظة كأداة بحثية بالآتي:
1-تساعد الباحث على توفير المعلومات في ظروف طبيعية تماماً، الأمر الذي يزيد في دقة هذه المعلومات.
2-تسجيل السلوك المراد ملاحظته أثناء الملاحظة، وهذا يضمن دقة التسجيل وبالتالي دقة المعلومات.
3-إجراء الملاحظة على عدد قليل من المفحوصين، وليس بالضرورة أن تكون عينة الملاحظة كبيرة الحجم.
ولكن هذه المزايا لا تمنع وضع حدود وعيوب على المعلومات التي نحصل عليها عن طريق الملاحظة للأسباب التالية:
1-البطء واستهلاك الوقت والمال والجهد.
2-يقوم بالملاحظة أحياناً مساعدين، وهذا يؤثر في الوقت ودقة المعلومات.
3-تتدخل عوامل طارئة ووقتية تؤثر على السلوك الملاحظ، وبالتالي على مصداقية المعلومات.
4-تحيز الباحث أو من يقوم بالملاحظة، ومدى تأثيرها على نتائج البحث.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق